وقاص وابن عمر ومحمد بن مسلمة وسائر من اعتزل تلك الحروب وذهب جمهور أهل السنة إلى تصويب من قاتل مع علي لامتثال قوله تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الآية ففيها الامر بقتال الفئة الباغية وقد ثبت ان من قاتل عليا كانوا بغاة وهؤلاء مع هذا التصويب متفقون على أنه لا يذم واحد من هؤلاء بل يقولون اجتهدوا فأخطأوا وذهب طائفة قليلة من أهل السنة وهو قول كثير من المعتزلة إلى أن كلا من الطائفتين مصيب وطائفة إلى أن المصيب طائفة لا بعينها * الحديث الثاني (قوله سفيان) هو ابن عيينة (قوله قال قال عمرو) هو ابن دينار (قوله أخبرني محمد بن علي) أي ابن الحسن بن علي وهو أبو جعفر الباقر وفي رواية محمد بن عباد عند الإسماعيلي عن سفيان عن عمرو عن أبي جعفر (قوله إن حرملة قال) في رواية محمد بن عباد ان حرملة مولى أسامة أخبره وحرملة هذا في الأصل مولى أسامة بن زيد وكان يلازم زيد بن ثابت حتى صار يقال له مولى زيد بن ثابت وقيل هما اثنان وفي هذا السند ثلاثة من التابعين في نسق عمرو وأبو جعفر وحرملة (قوله إن عمرو) بن دينار (قال قد رأيت حرملة) فيه إشارة إلى أن عمرا كان يمكنه الاخذ عن حرملة لكنه لم يسمع منه هذا (قوله أرسلني أسامة) أي من المدينة (إلى علي) أي بالكوفة لم يذكر مضمون الرسالة ولكن دل مضمون قوله فلم يعطني شيئا على أنه كان أرسله يسأل عليا شيئا من المال (قوله وقال إنه سيسألك الآن فيقول ما خلف صاحبك الخ) هذا هيأه أسامة اعتذارا عن تخلفه عن علي لعلمه ان عليا كان ينكر على من تخلف عنه ولا سيما مثل أسامة الذي هو من أهل البيت فاعتذر بأنه لم يتخلف ضنا منه بنفسه عن علي ولا كراهة له وانه لو كان في أشد الأماكن هو لا لأحب ان يكون معه فيه ويواسيه بنفسه ولكنه انما تخلف لأجل كراهيته في قتال المسلمين وهذا معنى قوله ولكن هذا أمر لم أره (قوله لو كنت في شدق الأسد) بكسر المعجمة ويجوز فتحها وسكون الدال المهملة بعدها قاف أي جانب فمه من داخل ولكل فم شدقان إليهما ينتهي شق الفم وعند مؤخرهما ينتهى الحنك الاعلى والأسفل ورجل أشدق واسع الشدقين ويتشدق في كلامه إذا فتح فمه وأكثر القول فيه واتسع فيه وهو كناية عن الموافقة حتى في حالة الموت لان الذي يفترسه الأسد بحيث يجعله في شدقه في عداد من هلك ومع ذلك فقال لو وصلت إلى هذا المقام لأحببت ان أكون معك فيه مواسيا لك بنفسي ومن المناسبات اللطيفة تمثيل أسامة بشئ يتعلق بالأسد ووقع في تنقيح الزركشي ان القاضي يعني عياضا ضبط الشدق بالذال المعجمة قال وكلام الجوهري يقتضي أنه بالدال المهملة وقال لي بعض من لقيته من الأئمة انه غلط على القاضي (قلت) وليس كذلك فإنه ذكره في المشارق في الكلام على حديث سمرة الطويل في الذي يشرشر شذقه فإنه صبط الشذق بالذال المعجمة وتبعه ابن قرقول في المطالع نعم هو غلط فقد ضبط في جميع كتب اللغة بالدال المهملة والله أعلم قال ابن بطال أرسل أسامة إلى علي يعتذر عن تخلفه عنه في حروبه ويعلمه انه من أحب الناس إليه وانه يحب مشاركته في السراء والضراء الا انه لا يرى قتال المسلم قال والسبب في ذلك أنه لما قتل ذلك الرجل يعني الماضي ذكره في باب ومن أحياها في أوائل الديات ولامه النبي صلى الله عليه وسلم بسبب ذلك آلى على نفسه ان لا يقاتل مسلما فذلك سبب تخلفه عن علي في الجمل وصفين انتهى ملخصا وقال ابن التين انما منع عليا ان يعطي رسول أسامة شيئا لأنه لعله سأله شيئا من مال الله فلم ير ان يعطيه لتخلفه عن القتال معه وأعطاه الحسن والحسين
(٥٨)