من كان فيهم) في رواية أبي النعمان عن ابن المبارك أصاب به من بين أظهرهم أخرجه الإسماعيلي والمراد من كان فيهم ممن ليس هو على رأيهم (قوله ثم بعثوا على أعمالهم) أي بعث كل واحد منهم على حسب عمله إن كان صالحا فعقباه صالحة والا فسيئة فيكون ذلك العذاب طهرة للصالحين ونقمة على الفاسقين وفي صحيح ابن حبان عن عائشة مرفوعا ان الله إذا انزل سطوته بأهل نقمته وفيهم الصالحون قبضوا معهم ثم بعثوا على نياتهم واعمالهم وأخرجه البيهقي في الشعب وله من طريق الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عنها مرفوعا إذا ظهر السوء في الأرض أنزل الله بأسه فيهم قيل يا رسول الله وفيهم أهل طاعته قال نعم ثم يبعثون إلى رحمة الله تعالى قال ابن بطال هذا الحديث يبين حديث زينب بنت جحش حيث قالت أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث فيكون اهلاك الجميع عند ظهور المنكر والاعلان بالمعاصي (قلت) الذي يناسب كلامه الأخير حديث أبي بكر الصديق سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك ان يعمهم الله بعقاب أخرجه الأربعة وصححه ابن حبان وأما حديث ابن عمر في الباب وحديث زينب بنت جحش فتناسبان وقد أخرجه مسلم عقبه ويجمعهما ان الهلاك يعم الطائع مع العاصي وزاد حديث ابن عمر ان الطائع عند البعث يجازى بعمله ومثله حديث عائشة مرفوعا العجب ان ناسا من أمتي يؤمون هذا البيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فقلنا يا رسول الله ان الطريق قد تجمع الناس قال نعم فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى يبعثهم الله على نياتهم أخرجه مسلم وله من حديث أم سلمة نحوه ولفظه فقلت يا رسول الله فكيف بمن كان كارها قال يخسف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته وله من حديث جابر رفعه يبعث كل عبد على ما مات عليه وقال الداودي معنى حديث ابن عمر ان الأمم التي تعذب على الكفر يكون بينهم أهل أسواقهم ومن ليس منهم فيصاب جميعهم بآجالهم ثم يبعثون على أعمالهم ويقال إذا أراد الله عذاب أمة أعقم نساؤهم خمس عشرة سنة قبل ان يصابوا لئلا يصاب الولدان الذين لم يجر عليهم القلم انتهى وهذا ليس له أصل وعموم حديث عائشة يرده وقد شوهدت السفينة ملآى من الرجال والنساء والأطفال تغرق فيهلكون جميعا ومثله الدار الكبيرة تحرق والرفقة الكثيرة تخرج عليها قطاع الطريق فيهلكون جميعا أو أكثرهم والبلد من بلاد المسلمين يهجمها الكفار فيبذلون السيف في أهلها وقد وقع ذلك من الخوارج قديما ثم من القرامطة ثم من الططر أخيرا والله المستعان قال القاضي عياض أورد مسلم حديث جابر يبعث كل عبد على ما مات عليه عقب حديث جابر أيضا رفعه لا يموتن أحدكم الا وهو يحسن الظن بالله يشير إلى أنه مفسر له ثم أعقبه بحديث ثم بعثوا على أعمالهم مشيرا إلى أنه وإن كان مفسرا لما قبله لكنه ليس مقصورا عليه بل هو عام فيه وفي غيره ويؤيده الحديث الذي ذكره بعده ثم يبعثهم الله على نياتهم انتهى ملخصا والحاصل انه لا يلزم من الاشتراك في الموت الاشتراك في الثواب أو العقاب بل يجازى كل أحد بعمله على حسب نيته وجنح ابن أبي جمرة إلى أن الذين يقع لهم ذلك انما يقع بسبب سكوتهم عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واما من أمر ونهى فهم المؤمنون حقا لا يرسل الله عليهم العذاب بل يدفع بهم العذاب ويؤيده قوله تعالى وما كنا مهلكي القرى الا وأهلها ظالمون وقوله
(٥١)