فلم يعمل بما أومأ إليه على من المفارقة وعمل بقوله وسل الجارية فسألها وعمل بقول أسامة في عدم المفارقة ولكنه اذن لها في التوجه إلى بيت أبيها واما قوله فجلد الرامين فلم يقع في شئ من طرق حديث الإفك في الصحيحين ولا أحدهما وهو عند أحمد وأصحاب السنن من رواية محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة قالت لما نزلت براءتي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فدعا بهم وحدهم وفي لفظ فأمر برجلين وامرأة فضربوا حدهم وسموا في رواية أبي داود مسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش قال الترمذي حسن لا نعرفه الا من حديث ابن إسحاق من هذا الوجه (قلت) ووقع التصريح بتحديثه في بعض طرقه وقد تقدم بسط القول في ذلك في شرح حديث الإفك في التفسير (قوله ولم يلتفت إلى تنازعهم ولكن حكم بما أمره الله) قال ابن بطال عن القابسي كأنه أراد تنازعهما فسقطت الألف لان المراد أسامة وعلي وقال الكرماني القياس ان يقال تنازعهما الا ان يقال إن أقل الجمع اثنان أو أراد بالجمع هما ومن معهما أو من وافقهما على ذلك انتهى وأخرج الطبراني عن ابن عمر في قصة الإفك وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد وبريرة فكأنه أشار بصيغة الجمع إلى ضم بريرة إلى علي وأسامة لكن استشكله بعضهم بأن ظاهر سياق الحديث الصحيح انها لم تكن حاضرة لتصريحه بأنه أرسل إليها وجوابه ان المراد بالتنازع اختلاف قول المذكورين عند مساءلتهم واستشارتهم وهو أعم من أن يكونوا مجتمعين أو متفرقين ويجوز ان يكون مراده بقوله فلم يلتفت إلى تنازعهم كلا من الفريقين في قصتي أحد والإفك (قوله وكانت الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم يستشيرون الامناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها) أي إذا لم يكن فيها نص بحكم معين وكانت على أصل الإباحة فمراده ما احتمل الفعل والترك احتمالا واحدا واما ما عرف وجه الحكم فيه فلا واما تقييده بالامناء فهي صفة موضحه لان غير المؤتمن لا يستشار ولا يلتفت لقوله واما قوله بأسهلها فلعموم الامر بالأخذ بالتيسير والتسهيل والنهي عن التشديد الذي يدخل المشقة على المسلم قال الشافعي انما يؤمر الحاكم بالمشورة لكون المشير ينبهه على ما يغفل عنه ويدله على ما لا يستحضره من الدليل لا ليقلد المشير فيما يقوله فان الله لم يجعل هذا لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ورد من استشارة الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أخبار كثيرة منها مشاورة أبي بكر رضي الله عنه في قتال أهل الردة وقد أشار إليها المصنف وأخرج البيهقي بسند صحيح عن ميمون بن مهران قال كان أبو بكر الصديق إذا ورد عليه أمر نظر في كتاب الله فان وجد فيه ما يقضى به قضى بينهم وان علمه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به وان لم يعلم خرج فسأل المسلمين عن السنة فان أعياه ذلك دعى رؤس المسلمين وعلمائهم واستشارهم وان عمر بن الخطاب كان يفعل ذلك وتقدم قريبا ان القراء كانوا أصحاب مجلس عمر ومشاورته ومشاورة عمر الصحابة في حد الخمر تقدمت في كتاب الحدود ومشاورة عمر الصحابة في املاص المرأة تقدمت في الديات ومشاورة عمر في قتال الفرس تقدمت في الجهاد ومشاورة عمر المهاجرين والأنصار ثم قريشا لما أرادوا دخول الشام وبلغه ان الطاعون وقع بها وقد مضى مطولا مع شرحه في كتاب الطب وروينا في القطعيات من رواية إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسئلة فقال سل عنها
(٢٨٥)