الاكثار من الزلل وهو مخصوص بمن ينقل ذلك من غير تثبت ولكن يقلد من سمعه ولا يحتاط له (قلت) ويؤيد ذلك الحديث الصحيح كفى بالمرء إنما أن يحدث بكل ما سمع أخرجه مسلم وفي شرح المشكاة قوله قيل وقال من قولهم قيل كذا وقال كذا وبناؤهما على كونهما فعلين محكيين متضمنين للضمير والاعراب على إجرامهما مجرى الأسماء خلوين من الضمير ومنه قوله إنما الدنيا قيل وقال وإدخال حرف التعريف عليهما في قوله ما يعرف القال القيل لذلك (قوله وكثرة السؤال) تقدم في كتاب الزكاة بيان الاختلاف في المراد منه وهل هو سؤال المال أو السؤال عن المشكلات والمعضلات أو أعم من ذلك وأن الأولى حمله على العموم وقد ذهب بعض العلماء إلى أن المراد به كثرة السؤال عن أخبار الناس وأحداث الزمان أو كثرة سؤال إنسان بعينه عن تفاصيل حاله فإن ذلك مما يكره المسؤول غالبا وقد ثبت النهي عن الأغلوطات أخرجه أبو داود من حديث معاوية وثبت عن جمع من السلف كراهة تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة أو يندر جدا وإنما كرهوا ذلك لما فيه من التنطع والقول بالظن إذ لا يخلو صاحبه من الخطأ وأما ما تقدم في اللعان فكره النبي صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها وكذا في التفسير في قوله تعالى لا تسألوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم فذلك خاص بزمان نزول الوحي ويشير إليه حديث أعظم الناس جرما عند الله من سأل عن شئ لم يحرم فحرم من أجل مسئلته وثبت أيضا ذم السؤال للمال ومدح من لا يلحف فيه كقوله تعالى لا يسألون الناس إلحافا وتقدم في الزكاة حديث لا تزال المسئلة بالعبد حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم وفي صحيح مسلم أن المسئلة لا تحل إلا لثلاثة لذي فقر مدقع أو غرم مفظع أو جائحة وفي السنن قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس إذا سألت فاسأل الله وفي سنن أبي داو إن كنت لا بد سائلا فاسأل الصالحين وقد اختلف العلماء في ذلك والمعروف عند الشافعية أنه جائز لأنه طلب مباح فأشبه العارية وحملوا الأحاديث الواردة على من سأل من الزكاة الواجبة ممن ليس من أهلها لكن قال النووي في شرح مسلم اتفق العلماء على النهي عن السؤال من غير ضرورة قال واختلف أصحابنا في سؤال القادر على الكسب على وجهين أصحهما التحريم لظاهر الأحاديث * والثاني يجوز مع الكراهة بشروط ثلاثة أن لا يلح ولا يذل نفسه زيادة على ذل نفس السؤال ولا يؤذي المسؤول فإن فقد شرط من ذلك حرم وقال الفاكهاني يتعجب ممن قال بكراهة السؤال مطلقا مع وجود السؤال في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ثم السلف الصالح من غير نكير فالشارع لا يقر على مكروه (قلت) لعل من كره مطلقا أراد أنه خلاف الأولى ولا يلزم من وقوعه أن تتغير صفته ولا من تقريره أيضا وينبغي حمل حال أولئك على السداد وأن السائل منهم غالبا ما كان يسأل إلا عند الحاجة الشديدة وفي قوله من غير نكير نظر ففي الأحاديث الكثيرة الواردة في ذم السؤال كفاية في إنكار ذلك * (تنبيه) * جميع ما تقدم فيما سأل لنفسه وأما إذا سأل لغيره فالذي يظهر أيضا أنه يختلف باختلاف الأحوال (قوله وإضاعة المال) تقدم في الاستقراض أن الأكثر حملوه على الاسراف في الانفاق وقيده بعضهم بالانفاق في الحرام والأقوى أنه ما أنفق في غير وجهه المأذون فيه شرعا سواء كانت دينية أو دنيوية فمنع منه لان الله تعالى جعل المال قياما لمصالح العباد وفي تبذيرها تفويت تلك المصالح إما في حق مضيعها وإما في حق غيره ويستثنى من ذلك كثرة انفاقه في وجوه البر لتحصيل ثواب
(٣٤١)