ما أهدي إليكم فشأنكم به فهذا نص في الهدية وأما الصدقة فإن الفقير لا حجر عليه في التصرف فيما يهدى له لان القصد أن تقع المواساة من الغني للفقير وقد حصلت (قوله و عن معمر عن الزهري عن أبي عبيد نحوه) هذا ظاهره أنه معطوف على السند المذكور فيكون من رواية حبان بن موسى عن ابن المبارك عن معمر وبهذا جزم أبو العباس الطرقي في الأطراف وهو مقتضي صنيع المزي لكن أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق الحسن بن سفيان عن حبان ابن موسى فساق رواية يونس بتمامها ثم أخرجه من رواية يزيد بن زريع عن معمر وقال أخرجه البخاري عقب رواية ابن المبارك عن يونس (قلت) فاحتمل على هذا أن تكون رواية معمر معلقة وقد بينت ما فيها من فائدة زائدة قبل ويؤيده أن الإسماعيلي أخرجه عن الحسن بن سفيان عن حبان بسنده ومن طريق ابن وهب عن يونس ومالك كلاهما عن ابن شهاب به ثم قال قال البخاري وعن معمر عن الزهري عن أبي عبيد نحوه ولم يذكر الخبر أي لم يوصل السند إلى معمر * الحديث الثامن (قوله محمد بن عبد الرحيم) هو المعروف بصاعقة وابن أخي ابن شهاب اسمه محمد بن عبد الله بن مسلم وسالم هو ابن عبد الله بن عمر (قوله كلوا من الأضاحي ثلاثا) أي فقط ولمسلم من طريق معمر نهى أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث وله من طريق نافع عن ابن عمر لا يأكل أحد من أضحيته فوق ثلاثة أيام (قوله وكان عبد الله) أي ابن عمر (يأكل بالزيت) سيأتي بيانه (قوله حين ينفر من منى) هذا هو الصواب ووقع في رواية الكشميهني وحده حتى بدل حين وهو تصحيف يفسد المعنى فإن المراد أن ابن عمر كان لا يأكل من لحم الأضحية بعد ثلاث فكان إذا انقضت ثلاث منى ائتدم بالزيت ولا يأكل اللحم تمسكا بالامر المذكور ويدل عليه قوله في آخر الحديث من أجل لحوم الهدي وكأنه أيضا لم يبلغه الاذن بعد المنع وعلى رواية الكشميهني ينعكس الامر ويصير المعنى كان يأكل بالزيت إلى أن ينفر فإذا نفر أكل بغير الزيت فيدخل فيه لحم الأضحية وأما تعبيره في الحديث بالهدى فيحتمل أن يكون ابن عمر كان يسوى بين لحم الهدى ولحم الأضحية في الحكم ويحتمل أن يكون أطلق على لحم الأضحية لحم الهدى لمناسبة أنه كان بمنى وفي هذه الأحاديث من الفوائد غير ما تقدم نسخ الأثقل بالأخف لان النهي عن ادخار لحم الأضحية بعد ثلاث مما يثقل على المضحين والاذن في الادخار أخف منه وفيه رد على من يقول إن النسخ لا يكون إلا بالأثقل للأخف وعكسه ابن العربي زعما أن الاذن في الادخار نسخ بالنهي وتعقب بأن الادخار كان مباحا بالبراءة الأصلية فالنهي عنه ليس نسخا وعلى تقدير أن يكون نسخا ففيه نسخ الكتاب بالسنة لان في الكتاب الاذن في أكلها من غير تقييد لقوله تعالى فكلوا منها وأطعموا ويمكن أن يقال إنه تخصيص لا نسخ وهو الاظهر * (خاتمة) * اشتمل كتاب الأضاحي من الأحاديث المرفوعة على أربعة وأربعين حديثا المعلق منها خمسة عشر والبقية موصولة المكرر منها فيه وفيما مضى تسعة وثلاثون حديثا والخالص خمسة وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث قتادة بن النعمان في الباب الأخير وسوى زيادة معلقة في حديث أنس وهي قوله بكبشين سمينين فإن أصل الحديث عند مسلم سوى قوله سمينين وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم سبعة آثار والله سبحانه وتعالى أعلم * (قوله كتاب الأشربة) *
(٢٤)