بل عد العلماء ذلك من دقيق فهمه وحسن تصرفه في إيثار الأخفى على الاجلى شحذا للذهن وبعثا للطالب على تتبع طرق الحديث إلى غير ذلك من الفوائد وقد خص من عموم الامر بتشميت العاطس جماعة الأول من لم يحمد كما تقدم وسيأتي في باب مفرد الثاني الكافر فقد أخرج أبو داود وصححه الحاكم من حديث أبي موسى الأشعري قال كانت اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله ويصلح بالكم قال ابن دقيق العيد إذا نظرنا إلى قول من قال من أهل اللغة أن التشميت الدعاء بالخير دخل الكفار في عموم الامر بالتشميت وإذا نظرنا إلى من خص التشميت بالرحمة لم يدخلوا قال ولعل من خص التشميت بالدعاء بالرحمة بناء على الغالب لأنه تقييد لوضع اللفظ في اللغة (قلت) وهذا البحث أنشأه من حيث اللغة وأما من حيث الشرع فحديث أبي موسى دال على أنهم يدخلون في مطلق الامر بالتشميت لكن لهم تشميت مخصوص وهو الدعاء لهم بالهداية وإصلاح البال وهو الشأن ولا مانع من ذلك بخلاف تشميت المسلمين فإنهم أهل للدعاء بالرحمة بخلاف الكفار الثالث المزكوم إذا تكرر منه العطاس فزاد على الثلاث فإن ظاهر الامر بالتشميت يشمل من عطس واحدة أو أكثر لكن أخرج البخاري في الأدب المفرد من طريق محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال يشمته واحدة وثنتين وثلاثا وما كان بعد ذلك فهو زكام هكذا أخرجه موقوفا من رواية سفيان بن عيينة عنه وأخرجه أبو داود من طريق يحيى القطان عن ابن عجلان كذلك لفظه شمت أخاك وأخرجه من رواية الليث عن ابن عجلان وقال فيه لا أعلمه إلا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو داود ورفعه موسى بن قيس عن ابن عجلان أيضا وفي الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه رفعه ان عطس شمته ثم إن عطس فشمته ثم إن عطس فقل إنك مضنوك قال ابن أبي بكر لا أدري بعد الثالثة أو الرابعة وهذا مرسل جيد وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه قال فشمته ثلاثا فما كان بعد ذلك فهو زكام وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عمرو بن العاص شمتوه ثلاثا فإن زاد فهو داء يخرج من رأسه موقوف أيضا ومن طريق عبد الله بن الزبير أن رجلا عطس عنده فشمته ثم عطس فقال له في الرابعة أنت مضنوك موقوف أيضا ومن طريق عبد الله بن عمر مثله لكن قال في الثالثة ومن طريق علي بن أبي طالب شمته ما بينك وبينه ثلاث فإن زاد فهو ربح وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة يشمت العاطس إذا تتابع عليه العطاس ثلاثا قال النووي في الاذكار إذا تكرر العطاس متتابعا فالسنة أن يشمته لكل مرة إلى أن يبلغ ثلاث مرات روينا في صحيح مسلم وأبي داود والترمذي عن سلمة بن الأكوع أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وعطس عنده رجل فقال له يرحمك الله ثم عطس أخرى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل مزكوم هذا لفظ رواية مسلم وأما أبو داود والترمذي فقالا قال سلمة عطس رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم وأنا شاهد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمك الله ثم عطس الثانية أو الثالثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمك الله هذا رجل مزكوم اه كلامه ونقلته من نسخة عليها خطه بالسماع عليه والذي نسبه إلى أبي داود والترمذي من إعادة قوله صلى الله عليه وسلم للعاطس يرحمك الله ليس في شئ من نسخهما كما سأبينه فقد أخرجه أيضا أبو عوانة وأبو نعيم في مستخرجيهما والنسائي وابن ماجة والدارمي وأحمد وابن أبي شيبة وابن السني وأبو
(٤٩٨)