أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به دون ما لم يجاهر به اه والمجاهر في هذا الحديث يحتمل ان يكون من جاهر بكذا بمعنى جهر به والنكتة في التعبير بفاعل إرادة المبالغة ويحتمل ان يكون على ظاهر المفاعلة والمراد الذين يجاهر بعضهم بعضا بالتحدث بالمعاصي وبقية الحديث تؤكد الاحتمال الأول (قوله وان من المجاهرة) كذا لابن السكن والكشميهني وعليه شرح ابن بطال وللباقين المجانة بدل المجاهرة ووقع في رواية يعقوب بن إبراهيم بن سعد وان من الا جهار كذا عند مسلم وفى رواية له الجهار وفي رواية الإسماعيلي الاهجار وفى رواية لأبي نعيم في المستخرج وان من الهجار فتحصلنا على أربعة أشهرها الجهار ثم تقديم الهاء وبزيادة الف قبل كل منهما قال الإسماعيلي لا اعلم أنى سمعت هذه اللفظة في شئ من الحديث يعنى الا في هذا الحديث وقال عياض وقع للعذرى والسجزي في مسلم الاجهار وللفارسي الا هجار وقال في آخره وقال زهير الجهار هذه الروايات من طريق ابن سفيان وابن أبي ماهان عن مسلم وفى أخرى عن ابن سفيان في رواية زهير الهجار قال عياض الجهار والاجهار والمجاهرة كله صواب بمعنى الظهور والاظهار يقال جهروا جهر بقوله وقراءته إذا أظهر وأعلن لأنه راجع لتفسير قوله أولا الا المجاهرون قال واما المجانة فتصحيف وإن كان معناها لا يبعد هنا لان الماجن هو الذي يستهتر في أموره وهو الذي لا يبالي بما قال وما قيل له (قلت) بل الذي يظهر رجحان هذه الرواية لان الكلام المذكور بعده لا يرتاب أحد انه من المجاهرة فليس في إعادة ذكره كبير فائدة واما الرواية بلفظ المجانة فتفيد معنى زائدا وهو ان الذي يجاهر بالمعصية يكون من جملة المجان والمجانة مذمومة شرعا وعرفا فيكون الذي يظهر المعصية قد ارتكب محذورين اظهار المعصية وتلبسه بفعل المجان قال عياض وأما الا هجار فهو الفحش والخناء وكثرة الكلام وهو قريب من معنى المجانة يقال أهجر في كلامه وكانه أيضا تصحيف من الجهار أو الاجهار وإن كان المعنى لا يبعد أيضا هنا واما لفظ الهجار فبعيد لفظا ومعنى لان الهجار الحبل أو الوتر تشد به يد البعير أو الحلقة التي يتعلم فيها الطعن ولا يصح له هنا معنى والله أعلم (قلت) بل له معنى صحيح أيضا فإنه يقال هجروا هجر إذا أفحش في كلامه فهو مثل جهر وأجهر فما صح في هذا صح في هذا ولا يلزم من استعمال الهجار بمعنى الحبل أو غيره ان لا يستعمل مصدرا من الهجر بضم الهاء (قوله البارحة) هي أقرب ليلة مضت من وقت القول تقول لقيته البارحة وأصلها من برح إذا زال وورد في الامر بالستر حديث ليس على شرط البخاري وهو حديث ابن عمر رفعه اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن ألم بشئ منها فليستتر بستر الله الحديث أخرجه الحاكم وهو في الموطأ من مرسل زيد بن أسلم قال ابن بطال في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف لان المعاصي تذل أهلها ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد ومن التعزير إن لم يوجب حدا وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة والذي يجاهر يفوته جميع ذلك وبهذا يعرف موقع إيراد حديث النجوي عقب حديث الباب وقد استشكلت مطابقته للترجمة من جهة أنها معقودة لستر المؤمن على نفسه والذي في الحديث ستر الله على المؤمن والجواب أن الحديث مصرح بذم من جاهر بالمعصية فيستلزم مدح من يستتر وأيضا فإن ستر الله مستلزم لستر المؤمن على نفسه فمن
(٤٠٦)