إن أشد الناس عذابا عند الله المصورون) وقع في رواية الحميدي في مسنده عن سفيان يوم القيامة بدل قوله عند الله وكذا هو في مسند ابن أبي عمر عن سفيان وأخرجه الإسماعيلي من طريقه فلعل الحميدي حدث به على الوجهين بدليل ما وقع في الترجمة أو لما حدث به البخاري حدث به بلفظ عند الله والترجمة مطابقة للفظ الذي في حديث ابن عمر ثاني حديثي الباب والمراد بقوله عند الله حكم الله ووقع عند مسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش أن من أشد الناس واختلفت نسخه ففي بعضها المصورين وهي للأكثر وفي بعضها المصورون وهي لأحمد عن أبي معاوية أيضا ووجهت بأن من زائدة واسم أن أشد ووجهها ابن مالك على حذف ضمير الشأن والتقدير أنه من أشد الناس إلى آخره وقد استشكل كون المصور أشد الناس عذابا مع قوله تعالى ادخلوا آل فرعون أشد العذاب فإنه يقتضي أن يكون المصور أشد عذابا من آل فرعون وأجاب الطبري بأن المراد هنا من يصور ما يعبد من دون الله وهو عارف بذلك قاصدا له فإنه يكفر بذلك فلا يبعد أن يدخل مدخل آل فرعون وأما من لا يقصد ذلك فإنه يكون عاصيا بتصويره فقط وأجاب غيره بأن الرواية بإثبات من ثابتة وبحذفها محمولة عليها وإذا كان من يفعل التصوير من أشد الناس عذابا كان مشتركا مع غيره وليس في الآية ما يقتضي اختصاص آل فرعون بأشد العذاب بل هم في العذاب الأشد فكذلك غيرهم يجوز أن يكون في العذاب الأشد وقوي الطحاوي ذلك بما أخرجه من وجه آخر عن ابن مسعود رفعه إن أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي وإمام ضلالة وممثل من الممثلين وكذا أخرجه أحمد وقد وقع بعض هذه الزيادة في رواية ابن أبي عمر التي أشرت إليها فاقتصر على المصور وعلى من قتله نبي وأخرج الطحاوي أيضا من حديث عائشة مرفوعا أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل هجا رجلا فهجا القبيلة بأسرها قال الطحاوي فكل واحد من هؤلاء يشترك مع الآخر في شدة العذاب وقال أبو الوليد بن رشد في مختصر مشكل الطحاوي ما حاصله إن الوعيد بهذه الصيغة إن ورد في حق كافر فلا إشكال فيه لأنه يكون مشتركا في ذلك مع آل فرعون ويكون فيه دلالة على عظم كفر المذكور وإن ورد في حق عاص فيكون أشد عذابا من غيره من العصاة ويكون ذلك دالا على عظم المعصية المذكورة وأجاب القرطبي في المفهم بأن الناس الذين أضيف إليهم أشد لا يراد بهم كل الناس بل بعضهم وهم من يشارك في المعنى المتوعد عليه بالعذاب ففرعون أشد الناس الذين ادعوا الإلهية عذابا ومن يقتدي به في ضلالة كفره أشد عذابا ممن يقتدي به في ضلالة فسقه ومن صور صورة ذات روح للعبادة أشد عذابا ممن يصورها لا للعبادة واستشكل ظاهر الحديث أيضا بإبليس وبابن آدم الذي سن القتل وأجيب بأنه في إبليس واضح ويجاب بأن المراد بالناس من ينسب إلى آدم وأما في ابن آدم فأجيب بأن الثابت في حقه أن عليه مثل أوزار من يقتل ظلما ولا يمتنع أن يشاركه في مثل تعذيبه من ابتدأ الزنا مثلا فإن عليه مثل أوزار من يزني بعده لأنه أول من سن ذلك ولعل عدد الزناة أكثر من القاتلين قال النووي قال العلماء تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد وسواء صنعه لما يمتهن أم لغيره فصنعه حرام بكل حال وسواء كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها فإما تصوير ما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام (قلت) ويؤيد التعميم فيما له ظل وفيما لا ظل له ما أخرجه
(٣٢٢)