وغيرهم من أمراء السرايا والعمال فلما لبس خاتم الفضة أراد الناس أن يصطنعوا مثله فطرح عند ذلك خاتم الذهب فطرح الناس خواتيم الذهب (قلت) ولا يخفى وهي هذا الجواب والذي قاله الإسماعيلي أقرب مع أنه يخدش فيه أنه يستلزم اتخاذ خاتم الورق مرتين وقد نقل عياض نحوا من قول ابن بطال قائلا قال بعضهم يمكن الجمع بأنه لما عزم على تحريم خاتم الذهب اتخذ خاتم فضة فلما لبسه أراه الناس في ذلك اليوم ليعلموا إباحته ثم طرح خاتم الذهب وأعلمهم تحريمه فطرح الناس خواتيمهم من الذهب فيكون قوله فطرح خاتمه وطرحوا خواتيمهم أي التي من الذهب وحاصله أنه جعل الموصوف في قوله فطرح خاتمه فطرحوا خواتيمهم خاتم الذهب وأن لم يجر له ذكر قال عياض وهذا يسوغ أن لو جاءت الرواية بجملة ثم أشار إلى أن رواية ابن شهاب لا تحتمل هذا التأويل فأما النووي فارتضى هذا التأويل وقال هذا هو التأويل الصحيح وليس في الحديث ما يمنعه قال وأما قوله فصنع الناس الخواتيم من الورق فلبسوها ثم قال فطرح خاتمه فطرحوا خواتيمهم فيحتمل أنهم لما علموا أنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يصطنع لنفسه خاتم فضة اصطنعوا لأنفسهم خواتيم الفضة وبقيت معهم خواتيم الذهب كما بقي معه خاتمه إلى أن استبدل خاتم الفضة وطرح خاتم الذهب فاستبدلوا وطرحوا أه وأيده الكرماني بأنه ليس في الحديث أن الخاتم المطروح كان من ورق بل هو مطلق فيحمل على خاتم الذهب أو على ما نقش عليه نقش خاتمه قال ومهما أمكن الجمع لا يجوز توهيم الراوي (قلت) ويحتمل وجها رابعها ليس فيه تغير ولا زيادة اتخاذ وهو أنه أتخذ خاتم الذهب للزينة فلما تتابع الناس فيه وافق وقوع تحريمه فطرحه ولذلك قال لا ألبسه أبدا وطرح الناس خواتيمهم تبعا له وصرح بالنهي عن لبس خاتم الذهب كما تقدم في الباب قبله ثم أحتاج إلى الخاتم لأجل الختم به فاتخذه من فضة ونقش فيه اسمه الكريم فتبعه الناس أيضا في ذلك فرمى به حتى رمى الناس تلك الخواتيم المنقوشة على اسمه لئلا تفوت مصلحة نقش اسمه بوقوع الاشتراك فلما عدمت خواتيمهم برميها رجع إلى خاتمه الخاص به فصار يختم به ويشير إلى ذلك قوله في رواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس كما سيأتي قريبا في باب الخاتم في الخنصر إنا اتخذنا خاتما ونقشنا فيه نقشا عليه أحد فلعل بعض من لم يبلغه النهي أو بعض من بلغه ممن لم يرسخ في قلبه الايمان من منافق ونحوه اتخذوا ونقشوا فوقع ما وقع ويكون طرحه له غضبا ممن تشبه به في ذلك النقش وقد أشار إلى ذلك الكرماني مختصرا جدا والله أعلم وقول الزهري في روايته إنه رآه في يده يوما لا ينافي ذلك ولا يعارضه قوله في الباب الذي بعده في رواية حميد سئل أنس هل اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما قال أخر ليلة صلاة العشاء إلى أن قال فكأني أنظر إلى وبيص خاتمه فإنه يحمل على أنه رآه كذلك في تلك الليلة واستمر في يده بقية يومها ثم طرحه في آخر ذلك اليوم والله أعلم وأما ما أخرجه النسائي من طريق المغيرة بن زياد عن نافع عن ابن عمر أتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من ذهب فلبسه ثلاثة أيام فيجمع بينه وبين حديث أنس بأحد أمرين إن قلنا أن قول الزهري في حديث أنس خاتم من ورق سهو وأن الصواب خاتم من ذهب فقوله يوما واحدا ظرف لرؤية أنس لا لمدة اللبس وقول ابن عمر ثلاثة أيام ظرف لمدة اللبس وان قلنا أن لا وهم فيها وجمعنا بما تقدم فمدة لبس خاتم الذهب ثلاثة أيام كما في حديث ابن عمر هذا ومدة لبس خاتم الورق الأول كانت يوما واحدا كما في حديث أنس ثم لما رمى الناس الخواتيم التي
(٢٧٠)