من النضر وهو ابن أنس بن مالك المذكور في السند الذي قبله وسماع النظر من بشير بن نهيك وقد وصله أبو عوانة في صحيحه عن أبي قلابة الرقاشي وقاسم بن أصبغ في مصنفه عن محمد بن غالب ابن حرب كلاهما عن عمرو بن مرزوق به ووقع التصريح بسماع قتادة من النضر بهذا الحديث أيضا في رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة وأخرجه الإسماعيلي كذلك قال ابن دقيق العيد أخبار الصحابي عن الأمر والنهي على ثلاث مراتب الأولى أن يأتي بالصيغة كقوله افعلوا أولا تفعلوا الثانية قوله أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ونهانا عن كذا وهو كالمرتبة الأولى في العمل به أمرا أو نهيا وإنما نزل عنها لاحتمال أن يكون ظن ما ليس بأمر أمرا إلا أن هذا الاحتمال مرجوح للعلم بعدالته ومعرفته بمدلولات الألفاظ لغة المرتبة الثالثة أمرنا ونهينا على البناء للمجهول وهي كالثانية وإنما نزلت عنها لاحتمال أن يكون الآمر غير النبي صلى الله عليه وسلم وإذا تقرر هذا فالنهي عن خاتم الذهب أو التختم به مختص بالرجال دون النساء فقد نقل الاجماع على إباحته للنساء (قلت) وقد أخرج ابن أبي شيبة من حديث عائشة أن النجاشي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم حلية فيها خاتم من ذهب فأخذه وأنه لمعرض عنه ثم دعا أمامة بنت ابنته فقال تحلى به قال ابن دقيق العيد وظاهر النهي التحريم وهو قول الأئمة واستقر الامر عليه قال عياض وما نقل عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم من تختمه بالذهب فشذوذ والأشبه أنه لم تبلغه السنة فيه فالناس بعده مجمعون على خلافه وكذا ما روى فيه عن خباب وقد قال له ابن مسعود أما آن لهذا الخاتم أن يلقى فقال إنك لن تراه علي بعد اليوم فكأنه ما كان بلغه النهي فلما بلغه رجع قال وقد ذهب بعضهم إلى أن لبسه للرجال مكروه كراهة تنزيه لا تحريم كما قال مثل ذلك في الحرير قال ابن دقيق العيد هذا يقتضي اثبات الخلاف في التحريم وهو يناقض القول بالاجماع على التحريم ولا بد من اعتبار وصف كونه خاتما (قلت) التوفيق بين الكلامين ممكن بأن يكون القائل بكراهة التنزيه انقرض واستقر الاجماع بعده على التحريم وقد جاء عن جماعة من الصحابة لبس خاتم الذهب من ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق محمد بن أبي إسماعيل أنه رأى ذلك على سعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وصهيب وذكر ستة أو سبعة وأخرج ابن أبي شيبة أيضا عن حذيفة وعن جابر بن سمرة وعن عبد الله بن يزيد الخطمي نحوه ومن طريق حمزة بن أبي أسيد نزعنا من يدي أبي أسيد خاتما من ذهب وأغرب ما ورد من ذلك ما جاء عن البراء الذي روى النهي فأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن أبي السفر قال رأيت على البراء خاتما من ذهب وعن شعبة عن أبي إسحق نحوه أخرجه البغوي في الجعديات وأخرج أحمد من طريق محمد بن مالك قال رأيت على البراء خاتما من ذهب فقال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فألبسنيه فقال ألبس ما كساك الله ورسوله قال الحازمي إسناده ليس بذاك ولو صح فهو منسوخ (قلت) لو ثبت النسخ عند البراء ما لبسه بعد النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى حديث النهي المتفق على صحته عنه فالجمع بين روايته وفعله إما بأن يكون حمله على التنزيه أو فهم الخصوصية له من قوله ألبس ما كساك الله ورسوله وهذا أولى من قول الحازمي لعل البراء لم يبلغه النهي ويؤيد الاحتمال الثاني أنه وقع في رواية أحمد كان الناس يقولون للبراء لم تتختم بالذهب وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيذكر لهم هذا الحديث ثم يقول كيف تأمرونني أن أضع ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٢٦٧)