إلا أنزل له شفاء) في رواية طلحة بن عمرو من الزيادة في أول الحديث يا أيها الناس تداووا ووقع في رواية طارق بن شهاب عن ابن مسعود رفعه أن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء فتداووا وأخرجه النسائي وصححه ابن حبان والحاكم ونحوه للطحاوي وأبي نعيم من حديث ابن عباس ولأحمد عن أنس أن الله حيث خلق الداء خلق الدواء فتداووا وفي حديث أسامة بن شريك تداووا يا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحدا الهرم أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والأربعة وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم وفي لفظ إلا السام بمهملة مخففة يعني الموت ووقع في رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود نحو حديث الباب وزاد في آخره علمه من علمه وجهله من جهله أخرجه النسائي وابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم ولمسلم عن جابر رفعه لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله تعالى ولأبي داود من حديث أبي الدرداء رفعه إن الله جعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بحرام وفي مجموع هذه الألفاظ ما يعرف منه المراد بالانزال في حديث الباب وهو إنزال علم ذلك على لسان الملك للنبي صلى الله عليه وسلم مثلا أو عبر بالانزال عن التقدير وفيها التقييد بالحلال فلا يجوز التداوي بالحرام وفي حديث جابر منها الإشارة إلى أن الشفاء متوقف على الإصابة بإذن الله وذلك أن الدواء قد يحصل معه مجاوزة الحد في الكيفية أو الكمية فلا ينجع بل ربما أحدث داء آخر وفي حديث ابن مسعود الإشارة إلى أن بعض الأدوية لا يعلمها كل أحد وفيها كلها إثبات الأسباب وأن ذلك لا ينافي التوكل على الله لمن اعتقد أنها بإذن الله وبتقديره وأنها لا تنجع بذواتها بل بما قدره الله تعالى فيها وأن الدواء قد ينقلب داء إذا قدر الله ذلك وإليه الإشارة بقوله في حديث جابر بإذن الله فمدار ذلك كله على تقدير الله وارادته والتداوي لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش بالاكل والشرب وكذلك تجنب المهلكات والدعاء بطلب العافية ودفع المضار وغير ذلك وسيأتي مزيد لهذا البحث في باب الرقية إن شاء الله تعالى ويدخل في عمومها أيضا الداء القاتل الذي اعترف حذاق الأطباء بأن لا دواء له وأقروا بالعجز عن مداواته ولعل الإشارة في حديث ابن مسعود بقوله وجهله من جهله إلى ذلك فتكون باقية على عمومها ويحتمل أن يكون في الخبر حذف تقديره لم ينزل داء يقبل الدواء إلا أنزل له شفاء والأول أولى ومما يدخل في قوله جهله من جهله ما يقع لبعض المرضى أنه يتداوى من داء بدواء فيبرأ ثم يعتريه ذلك الداء بعينه فيتداوى بذلك الدواء بعينه فلا ينجع والسبب في ذلك الجهل بصفة من صفات الدواء فرب مرضين تشابها ويكون أحدهما مركبا لا ينجع فيه ما ينجع في الذي ليس مركبا فيقع الخطأ من هنا وقد يكون متحدا لكن يريد الله أن لا ينجع فلا ينجع ومن هنا تخضع رقاب الأطباء وقد أخرج ابن ماجة من طريق أبي خزامة وهو بمعجمة وزاي خفيفة عن أبيه قال قلت يا رسول الله أرأيت رقي نسترقيها ودواء نتداوى به هل يرد من قدر الله شيا قال هي من قدر الله تعالى والحاصل أن حصول الشفاء بالدواء إنما هو كدفع الجوع بالاكل والعطش بالشرب وهو ينجع في ذلك في الغالب وقد يتخلف لمانع والله أعلم ثم الداء والدواء كلاهما بفتح الدال وبالمد وحكى كسر دال الدواء واستثناء الموت في حديث أسامة ابن شريك واضح ولعل التقدير إلا داء الموت أي المرض الذي قدر على صاحبه الموت واستثناء الهرم في الرواية الأخرى إما لأنه جعله شبيها بالموت والجامع بينهما نقص الصحة أو لقربه من
(١١٤)