الرقاق من طريق يحيى القطان عن إسماعيل بن أبي خالد شيا أي لم تنقص أجورهم بمعنى أنهم لم يتعجلوها في الدنيا بل بقيت موفرة لهم في الآخرة وكأنه عني بأصحابه بعض الصحابة ممن مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فأما من عاش بعده فإنهم اتسعت لهم الفتوح ويؤيد حديثه الآخر هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقع أجرنا على الله فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا منهم مصعب بن عمير وقد مضى في الجنائز وفي المغازي أيضا ويحتمل أن يكون عني جميع من مات قبله وأن من اتسعت له الدنيا لم تؤثر فيه إما لكثرة إخراجهم المال في وجوه البر وكان من يحتاج إليه إذ ذاك كثيرا فكانت تقع لهم الموقع ثم لما اتسع الحال جدا وشمل العدل في زمن الخلفاء الراشدين استغنى الناس بحيث صار الغني لا يجد محتاجا يضع بره فيه ولهذا قال خباب وإنا أصبنا ما لا نجد له موضعا إلا التراب أي الانفاق في البنيان وأغرب الداودي فقال أراد خباب بهذا القول الموت أي لا نجد للمال الذي أصابه إلا وضعه في القبر حكاه ابن التين ورده فأصاب وقال بل هو عبارة عما أصابوا من المال (قلت) وقد وقع لأحمد عن يزيد بن هارون عن إسماعيل بن أبي خالد في هذا الحديث بعد قوله الا التراب وكان يبني حائطا له ويأتي في الرقاق نحوه باختصار وأخرجه أحمد أيضا عن وكيع عن إسماعيل وأوله دخلنا على خباب نعوده وهو يبني حائطا له وقد اكتوى سبعا الحديث (قوله ولولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به) الدعاء بالموت أخص من تمنى الموت وكل دعاء تمنى من غير عكس فلذلك أدخله في هذه الترجمة (قوله ثم أتيناه مرة أخرى وهو يبني حائطا له) هكذا وقع في رواية شعبة تكرار المجئ وهو أحفظ الجميع فزيادته مقبولة والذي يظهر أن قصة بناء الحائط كانت سبب قوله أيضا وإنا أصبنا من الدنيا ما لا نجد له موضعا إلا التراب (قوله إن المسلم ليؤجر في كل شئ ينفقه إلا في شئ يجعله في هذا التراب) أي الذي يوضع في البنيان وهو محمول على ما زاد على الحاجة وسيأتي تقرير ذلك في آخر كتاب الاستئذان إن شاء الله تعالى * (تنبيه) * هكذا وقع من هذا الوجه موقوفا وقد أخرجه الطبراني من طريق عمر بن إسماعيل بن مجالد حدثنا أبي عن بيان ابن بشر وإسماعيل بن أبي خالد جميعا عن قيس عن أبي حازم قال دخلنا على خباب نعوده فذكر الحديث وفيه وهو يعالج حائطا له فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن المسلم يؤجر في نفقته كلها إلا ما يجعله في التراب وعمر كذبه يحيى بن معين * الحديث الثالث والرابع حديث أبي هريرة (قوله أخبرني أبو عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف) هو أبو عبيد مولى ابن أزهر واسمه سعيد بن عبيد وابن أزهر الذي نسب إليه هو عبد الرحمن بن أزهر بن عوف وهو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف الزهري هكذا اتفق هؤلاء عن الزهري في روايته عن أبي عبيد وخالفهم إبراهيم بن سعد عن الزهري فقال عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة أخرجه النسائي وقال رواية الزبيدي أولى بالصواب وإبراهيم بن سعد ثقة يعني ولكنه أخطأ في هذا (قوله لن يدخل أحدا عمله الجنة) الحديث يأتي الكلام عليه في كتاب الرقاق فإنه أورده مفردا من وجه آخر عن أبي هريرة وغيره وإنما أخرجه هنا استطرادا لا قصدا والمقصود منه الحديث الذي بعده وهو قوله ولا يتمنى الخ وقد أفرده في كتاب التمني من طريق معمر عن الزهري وكذا أخرجه النسائي من طريق الزبيدي عن الزهري (قوله ولا يتمنى) كذا للأكثر بإثبات التحتانية
(١٠٩)