نظير قوله تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا وادعى ابن حبان والقرطبي وغيرهما الإجماع على عدم وجوب قدر زائد عليها وفيه نظر لثبوته عن بعض الصحابة ومن بعدهم فيما رواه ابن المنذر وغيره ولعلهم أرادوا أن الأمر استقر على ذلك وسيأتي بعد ثمانية أبواب حديث أبي هريرة وان لم تزد على أم القرآن أجزأت ولابن خزيمة من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فصلى ركعتين لم يقرأ فيهما إلا بفاتحة الكتاب ثم ذكر البخاري حديث أبي هريرة في قصة المسئ صلاته وسيأتي الكلام عليه بعد أربعة وعشرين بابا وموضع الحاجة منه هنا قوله ثم أقرأ ما تيسر معك من القرآن وكأنه أشار بإيراده عقب حديث عبادة أن الفاتحة إنما تتحتم على من يحسنها وأن من لا يحسنها يقرأ بما تيسر عليه وأن إطلاق القراءة في حديث أبي هريرة مقيد بالفاتحة كما في حديث عبادة والله أعلم قال الخطابي قوله ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ظاهر الإطلاق التخيير لكن المراد به فاتحة الكتاب لمن أحسنها بدليل حديث عبادة وهو كقوله تعالى فما استيسر من الهدى ثم عينت السنة المراد وقال النووي قوله ما تيسر محمول على الفاتحة فإنها متيسرة أو على ما زاد من الفاتحة بعد أن يقرأها أو على من عجز عن الفاتحة وتعقب بأن قوله ما تيسر لا إجمال فيه حتى يبين بالفاتحة والتقييد بالفاتحة ينافي التيسير الذي يدل عليه الإطلاق فلا يصح حمله عليه وأيضا فسورة الإخلاص متيسرة وهي أقصر من الفاتحة فلم ينحصر التيسير في الفاتحة وأما الحمل على ما زاد فمبنى على تسليم تعين الفاتحة وهي محل النزاع وأما حمله على من عجز فبعيد والجواب القوي عن هذا أنه ورد في حديث المسئ صلاته تفسير ما تيسر بالفاتحة كما أخرجه أبو داود من حديث رفاعة بن رافع رفعه وإذا قمت فتوجهت فكبر ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله أن تقرأ وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك الحديث ووقع فيه في بعض طرقه ثم اقرأ إن كان معك قرآن فإن لم يكن فاحمد الله وكبر وهلل فإذا جمع بين ألفاظ الحديث كان تعين الفاتحة هو الأصل لمن معه قرآن فإن عجز عن تعلمها وكان معه شئ من القرآن قرأ ما تيسر وإلا انتقل إلى الذكر ويحتمل في طريق الجمع أيضا أن يقال المراد بقوله فأقرأ ما تيسر معك من القرآن أي بعد الفاتحة ويؤيده حديث أبي سعيد عند أبي داود بسند قوي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر (قوله باب القراءة في الظهر) هذه الترجمة والتي بعدها يحتمل أن يكون المراد بهما إثبات القراءة فيهما وأنها تكون سرا إشارة إلى من خالف في ذلك كابن عباس كما سيأتي البحث فيه بعد ثمانية أبواب ويحتمل أن يراد به تقدير المقروء أو تعينه والأول أظهر لكونه لم يتعرض في البابين لإخراج شئ مما يتعلق بالاحتمال الثاني وقد أخرج مسلم وغيره في ذلك أحاديث مختلفة سيأتي بعضها وجمع بينها بوقوع ذلك في أحوال متغايرة إما لبيان الجواز أو لغير ذلك من الأسباب واستدل ابن العربي باختلافها على عدم مشروعية سورة معينة في صلاة معينة وهو واضح فيما اختلف لا فيما لم يختلف كتنزيل وهل أتى في صبح الجمعة (قوله حدثنا شيبان) هو ابن عبد الرحمن ويحي هو ابن أبي كثير (قوله عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه) في رواية الجوزقي من طريق عبيد الله بن موسى عن شيبان التصريح بالإخبار ليحيى من عبد الله ولعبد الله من أبيه وكذا للنسائي من رواية الأوزاعي عن يحيى لكن بلفظ التحديث فيهما وكذا عنده من رواية أبي إبراهيم القناد عن يحيى حدثني عبد الله فأمن بذلك تدليس يحيى (قوله الأوليين)
(٢٠٢)