الباء أي صلى بنا وفيه جواز إطلاق ذلك مجازا وإنما الصلاة لله تعالى (قوله بالحديبية) بالمهملة والتصغير وتخفف للاستشهاد وتثقل يقال سميت بشجرة حدباء هناك (قوله على إثر) بكسر الهمزة وسكون المثلثة على المشهور وهو ما يعقب الشئ (قوله سماء) أي مطر وأطلق عليه سماء لكونه ينزل من جهة السماء وكل جهة علو تسمى سماء (قوله كانت من الليل) كذا للأكثر وللمستملي والحموي من الليلة بالإفراد (قوله فلما انصرف) أي من صلاته أو من مكانه (قوله هل تدرون) لفظ استفهام معناه التنبيه ووقع في رواية سفيان عن صالح عند النسائي ألم تسمعوا ما قال ربكم الليلة وهذا من الأحاديث الإلهية وهي تحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أخذها عن الله بلا واسطة أو بواسطة (قوله مطرف من عبادي) هذه إضافة عموم بدليل التقسيم إلى مؤمن وكافر بخلاف مثل قوله تعالى إن عبادي ليس لك عليهم سلطان فإنها إضافة تشريف (قوله مؤمن بي وكافر) يحتمل أن يكون المراد بالكفر هنا كفر الشرك بقرينة مقابلته بالإيمان ولأحمد من رواية نصر بن عاصم المؤذن عن معاوية المؤذن مرفوعا يكون الناس مجدبين فينزل الله عليهم رزقا من السماء من رزقه فيصبحون مشركين يقولون مطرنا بنوء كذا ويحتمل أن يكون المراد به كفر النعمة ويرشد إليه قوله في رواية معمر عن صالح عن سفيان فأما من حمدني على سقياي وأثنى علي فذلك آمن بي وفي رواية سفيان عند النسائي والإسماعيلي نحوه وقال في آخره وكفر بي أو قال كفر نعمتي وفي رواية أبي هريرة عند مسلم قال الله ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا مطرف فريق منهم كافرين بها وله في حديث بن عباس مطرف من الناس شاكر ومنهم كافر وعلى الأول حمل كثير من أهل العلم وأعلى ما وقفت عليه من ذلك كلام الشافعي قال في الأم من قال مطرنا بنوء كذا وكذا على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى أنه مطر نوء كذا فذلك كفر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن النوء وقت والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا ومن قال مطرنا بنوء كذا على معنى مطرنا في وقت كذا فلا يكون كفرا وغيره من الكلام أحب إلى منه يعني حسما للمادة وعلى ذلك يحمل إطلاق الحديث وحكى ابن قتيبة في كتاب الأنواء أن العرب كانت في ذلك على مذهبين على نحو ما ذكره الشافعي قال ومعنى النوء سقوط نجم في المغرب من النجوم الثمانية والعشرين التي هي منازل القمر قال وهو مأخوذ من ناء إذا سقط وقال آخرون بل النوء طلوع نجم منها وهو مأخوذ من ناء إذا نهض ولا تخالف بين القولين في الوقت لأن كل نجم منها إذا طلع في المشرق وقع حال طلوعه آخر في المغرب لا يزال ذلك مستمرا إلى أن تنتهي الثمانية والعشرون بانتهاء السنة فإن لكل واحد منها ثلاثة عشر يوما تقريبا قال وكانوا في الجاهلية يظنون أن نزول الغيث بواسطة النوء إما بصنعه على زعمهم وإما بعلامته فأبطل الشرع قولهم وجعله كفرا فإن اعتقد قائل ذلك أن للنوء صنعا في ذلك فكفره كفر تشريك وإن اعتقد أن ذلك من معي التجربة فليس بشرك لكن يجوز إطلاق الكفر عليه وإرادة كفر النعمة لأنه لم يقع في شئ من طرق الحديث بين الكفر والشرك واسطة فيحمل الكفر فيه على المعنيين لتناول الأمرين والله أعلم ولا يرد الساكت لأن المعتقد قد يشكر بقلبه أو يكفر وعلى هذا فالقول في قوله فأما من قال لما هو أعم من النطق والاعتقاد كما أن الكفر فيه لما هو أعم من كفر الشرك وكفر النعمة والله أعلم بالصواب (قوله مطرنا بنوء كذا وكذا) في
(٤٣٤)