أخذ بهذا بعض أهل العلم فاستحبه للأمام وبه يقول الشافعي انتهى والذي في الأم أنه يستحب للإمام والمأموم وبه قال أكثر الشافعية وقال الرافعي لم يتعرض في الوجيز إلا للأمام أه وبالتعميم قال أكثر أهل العلم ومنهم من قال إن علم المعنى وبقيت العلة بقي الحكم وإلا انتفى بانتفائها وإن لم يعلم المعنى بقي الاقتداء وقال الأكثر يبقى الحكم ولو انتفت العلة للاقتداء كما في الرمل وغيره وقد اختلف في معنى ذلك على أقوال كثيرة اجتمع لي منها أكثر من عشرين وقد لخصتها وبينت الواهي منها قال القاضي عبد الوهاب المالكي ذكر في ذلك فوائد بعضها قريب وأكثرها دعاوى فارغة انتهى فمن ذلك أنه فعل ذلك ليشهد له الطريقان وقيل سكانهما من الجن والأنس وقيل ليسوى بينهما في مزية الفضل بمروره أو في التبرك به أو ليشم رائحة المسك من الطريق التي يمر بها لأنه كان معروفا بذلك وقيل لأن طريقه للمصلى كانت على اليمين فلو رجع منها لرجع على جهة الشمال فرجع من غيرها وهذا يحتاج إلى دليل وقيل لإظهار شعار الإسلام فيهما وقيل لإظهار ذكر الله وقيل ليغيظ المنافقين أو اليهود وقيل ليرهبهم بكثرة من معه ورجحه بن بطال وقيل حذرا من كيد الطائفتين أو إحداهما وفيه نظر لأنه لو كان كذلك لم يكرره قال ابن التين وتعقب بأنه لا يلزم من مواظبته على مخالفة الطريق المواظبة على طريق منها معين لكن في رواية الشافعي من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب مرسلا أنه صلى الله عليه وسلم كان يغدو يوم العيد إلى المصلى من الطريق الأعظم ويرجع من الطريق الأخرى وهذا لو ثبت لقوى بحث ابن التين وقيل فعل ذلك ليعمهم في السرور به أو التبرك بمروره وبرؤيته والانتفاع به في قضاء حوائجهم في الاستفتاء أو التعلم والاقتداء والاسترشاد أو الصدقة أو السلام عليهم وغير ذلك وقيل ليزور أقاربه الأحياء والأموات وقيل ليصل رحمه وقيل ليتفاءل بتغير الحال إلى المغفرة والرضا وقيل كان في ذهابه يتصدق فإذا رجع لم يبق معه شئ فيرجع في طريق أخرى لئلا يرد من يسأله وهذا ضعيف جدا مع احتياجه إلى دليل وقيل فعل ذلك لتخفيف الزحام وهذا رجحه الشيخ أبو حامد وأيده المحب الطبري بما رواه البيهقي في حديث ابن عمر فقال فيه ليسع الناس وتعقب بأنه ضعيف وبأن قوله ليسع الناس يحتمل أن يفسر ببركته وفضله وهذا الذي رجحه ابن التين وقيل كان طريقه التي يتوجه منها أبعد من التي فيها فأراد تكثير الأجر بتكثير الخطا في الذهاب وأما في الرجوع فليسرع إلى منزله وهذا اختيار الرافعي وتعقب بأنه يحتاج إلى دليل وبأن أجر الخطا يكتب في الرجوع أيضا كما ثبت في حديث أبي بن كعب عند الترمذي وغيره فلو عكس ما قال لكان له اتجاه ويكون سلوك الطريق القريب للمبادرة إلى فعل الطاعة وإدراك فضيلة أول الوقت وقيل لأن الملائكة تقف في الطرقات فأراد أن يشهد له فريقان منهم وقال ابن أبي جمرة هو في معنى قول يعقوب لبنيه لا تدخلوا من باب واحد فأشار إلى أنه فعل ذلك حذر إصابة العين وأشار صاحب الهدى إلى أنه فعل ذلك لجميع ما ذكر من الأشياء المحتملة القريبة والله أعلم (قوله تابعه يونس بن محمد عن فليح وحديث جابر أصح) كذا عند جمهور رواة البخاري من طريق الفربري وهو مشكل لأن قوله أصح يباين قوله تابعه إذ لو تابعه لساواه فكيف تتجه الأصحية الدالة على عدم المساواة وذكر أبو علي الجياني أنه سقط قوله وحديث جابر أصح من رواية إبراهيم ابن معقل النسفي عن البخاري فلا إشكال فيها قال ووقع في رواية ابن السكن تابعه يونس بن محمد عن فليح عن سعيد عن أبي هريرة وفي هذا توجيه قوله أصح ويبقى الاشكال في قوله تابعه فإنه
(٣٩٣)