راكعا واطمأن ساجدا أجزأ ثم قال وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد قال ابن دقيق العيد تكرر من الفقهاء الاستدلال بهذا الحديث على وجوب ما ذكر فيه وعلى عدم وجوب ما لم يذكر أما الوجوب فلتعلق الأمر به وأما عدمه فليس لمجرد كون الأصل عدم الوجوب بل لكون الموضع موضع تعليم وبيان للجاهل وذلك يقتضى انحصار الواجبات فيما ذكر ويتقوى ذلك بكونه صلى الله عليه وسلم ذكر ما تعلقت به الإساءة من هذا المصلي وما لم تتعلق به فدل على أنه لم يقصر المقصود على ما وقعت به الإساءة قال فكل موضع اختلف الفقهاء في وجوبه وكان مذكورا في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في وجوبه وبالعكس لكن يحتاج أولا إلى جمع طرق هذا الحديث وإحصاء الأمور المذكورة فيه والأخذ بالزائد فالزائد ثم إن عارض الوجوب أو عدمه دليل أقوى منه عمل به وإن جاءت صيغة الأمر في حديث آخر بشئ لم يذكر في هذا الحديث قدمت (قلت) قد امتثلت ما أشار إليه وجمعت طرقه القوية من رواية أبي هريرة ورفاعة قد أمليت الزيادات التي اشتملت عليها فمما لم يذكر فيه صريحا من الواجبات المتفق عليها النية والقعود الأخير ومن المختلف فيه المنكدر الأخير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه والسلام في آخر الصلاة قال النووي وهو أمرهم على أن ذلك كان معلوما عند الرجل أه وهذا يحتاج إلى تكملة وهو ثبوت الدليل على إيجاب ما ذكر كما تقدم وفيه بعد ذلك نظر قال وفيه دليل على أن الإقامة والتعوذ ودعاء الافتتاح ورفع اليدين في الإحرام وغيره ووضع اليمني على اليسرى وتكبيرات الانتقالات وتسبيحات الركوع والسجود وهيئات الجلوس ووضع اليد على الفخذ ونحو ذلك مما لم يذكر في الحديث ليس بواجب أه وهو في معرض المنع لثبوت بعض ما ذكر في بعض الطرق كما تقدم بيانه فيحتاج من لم يقل بوجوبه إلى دليل على عدم وجوبه كما تقدم تقريره واستدل به على تعين لفظ التكبير خلافا لمن قال يجزئ بكل لفظ يدل على التعظيم وقد تقدمت هذه المسألة في أول صفة الصلاة قال ابن دقيق العيد ويتأيد ذلك بأن العبادات محل التعبدات ولأن رتب هذه الأذكار مختلفة فقد يتأدى برتبة منها ما يقصد برتبة أخرى ونظيره الركوع فإن المقصود به التعظيم بالخضوع فلو أبدله بالسجود لم يجزئ مع أنه غاية الخضوع واستدل به على أن قراءة الفاتحة لا تتعين قال ابن دقيق العيد ووجهه أنه إذا تيسر فيه غير الفاتحة فقرأه يكون ممتثلا فيخرج عن العهدة قال والذين عينوها أجابوا بأن الدليل على تعينها تقييد للمطلق في هذا الحديث وهو متعقب لأنه ليس بمطلق من كل وجه بل هو مقيد بقيد التيسير الذي يقتضى التخيير وإنما يكون مطلقا لو قال اقرأ قرآنا ثم قال اقرأ فاتحة الكتاب وقال بعضهم هو بيان للمجمل وهو متعقب أيضا لأن المجمل ما لم تتضح دلالته وقوله ما تيسر متضح لأنه ظاهر في التخيير قال وإنما يقرب ذلك إن جعلت ما موصولة وأريد بها شئ معين وهو الفاتحة لكثرة حفظ المسلمين لها فهي المتيسرة وقيل هو أمرهم على أنه عرف من حال الرجل أنه لا يحفظ الفاتحة ومن كان كذلك كان الواجب عليه قراءة ما تيسر وقيل أمرهم على أنه منسوخ بالدليل على تعيين الفاتحة ولا يخفى ضعفهما لكنه محتمل ومع الاحتمال لا يترك الصريح وهو قوله لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وقيل إن قوله ما تيسر أمرهم على ما زاد على الفاتحة جمعا بينه وبين دليل إيجاب الفاتحة ويؤيده الرواية التي تقدمت لأحمد وابن حبان حيث قال فيها اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت واستدل به
(٢٣٢)