الإمام ولا الضالين فقالوا أمين فإن الملائكة تقول آمين وأن الإمام يقول آمين الحديث أخرجه أبو داود والنسائي والسراج وهو صريح في كون الإمام يؤمن وقيل في الجمع بينهما المراد بقوله إذا قال ولا الضالين فقولوا آمين أي ولو لم يقل الإمام آمين وقيل يؤخذ من الخبرين تخيير المأموم في قولها مع الإمام أو بعده قاله الطبري وقيل الأول لمن قرب من الإمام والثاني لمن تباعد عنه لأن جهر الإمام بالتأمين أخفض من جهره بالقراءة فقد يسمع قراءته من لا يسمع تأمينه فمن سمع تأمينه أمن معه وإلا يؤمن إذا سمعه يقول ولا الضالين لأنه وقت تأمينه قاله الخطابي وهذه الوجوه كلها محتملة وليست بدون الوجه الذي ذكروه وقد رده ابن شهاب بقوله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول آمين كأنه استشعر التأويل المذكور فبين أن المراد بقوله إذا أمن حقيقة التأمين وهو وإن كان مرسلا فقد اعتضد بصنيع أبي هريرة رواية كما سيأتي بعد باب وإذا ترجح أن الإمام يؤمن فيجهر به في الجهرية كما ترجم به المصنف وهو قول الجمهور خلافا للكوفيين ورواية عن مالك فقال يسر به مطلقا ووجه الدلالة من الحديث أنه لو لم يكن التأمين مسموعا للمأموم لم يعلم به وقد علق تأمينه بتأمينه وأجابوا بان موضعه معلوم فلا يستلزم الجهر به وفيه نظر لاحتمال أن يخل به فلا يستلزم علم المأموم به وقد روى بن عبادة عن مالك في هذا الحديث قال ابن شهاب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال ولا الضالين جهر بآمين أخرجه السراج ولابن حبان من رواية الزبيدي في حديث الباب عن ابن شهاب كان إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال آمين وللحميدي من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة نحوه بلفظ إذا قال ولا الضالين ولأبي داود من طريق أبي عبد الله بن عم أبي هريرة عن أبي هريرة مثله وزاد حتى يسمع من يليه من الصف الأول ولأبي داود وصححه ابن حبان من حديث وائل بن حجر نحو رواية الزبيدي وفيه رد على من أومأ إلى النسخ فقال إنما كان صلى الله عليه وسلم يجهر بالتأمين في ابتداء الإسلام ليعلمهم فإن وائل ابن حجر إنما أسلم في أواخر الأمر (قوله فأمنوا) استدل به على تأخير تامين المأموم عن تامين الإمام لأنه رتب عليه بالفاء لكن تقدم في الجمع بين الكلب أن المراد المقارنة وبذلك قال الجمهور وقال الشيخ أبو محمد الجويني لا تستحب مقارنة الإمام في شئ من الصلاة غيره قال إمام الحرمين يمكن تعليله بان التأمين لقراءة الإمام لا لتأمينه فلذلك لا يتأخر عنه وهو واضح ثم إن هذا الأمر عند الجمهور للندب وحكى ابن بزيزة عن بعض أهل العلم وجوبه على المأموم وأشار بظاهر الأمر قال وأوجبه الظاهرية على كل مصل ثم في مطلق أمر المأموم بالتأمين أنه يؤمن ولو كان مشتغلا بقراءة الفاتحة وبه قال أكثر الشافعية ثم اختلفوا هل تنقطع بذلك الموالاة على وجهين أصحهما لا تنقطع لأنه مأمور بذلك لمصلحة الصلاة بخلاف الأمر الذي لا يتعلق بها كالحمد للعاطس و الله أعلم (قوله فإنه من وافق) زاد يونس عن ابن شهاب عند مسلم فإن الملائكة تؤمن قيل قوله فمن وافق وكذا لابن عيينة عن ابن شهاب كما سيأتي في الدعوات وهو دال على أن المراد الموافقة في القول والزمان خلافا لمن قال المراد الموافقة في الإخلاص والخشوع كابن حبان فإنه لما ذكر الحديث قال يريد موافقة الملائكة في الإخلاص بغير إعجاب وكذا جنح إليه غيره فقال نحو ذلك من الصفات المحمودة أو في إجابة الدعاء أو في الدعاء بالطاعة خاصة أو المراد بتأمين الملائكة استغفارهم للمؤمنين وقال ابن المنير الحكمة في إيثار الموافقة في القول والزمان أن يكون
(٢١٩)