أبو سعيد وجابر على جواز العزل بأنهم كانوا يعزلون والقرآن ينزل كما سيأتي في موضعه وأيضا فالوفد الذين قدموا عمرو بن سلمة كانوا جماعة من الصحابة وقد نقل ابن حزم أنه لا يعلم لهم في ذلك مخالف منهم وعن الثاني بان سياق رواية المصنف تدل على أنه كان يؤمهم في الفرائض لقوله فيه صلوا صلاة كذا في حين كذا فإذا حضرت الصلاة الحديث وفي رواية لأبي داود قال عمرو فما شهدت مشهدا في حرم إلا كنت إمامهم وهذا يعم الفرائض والنوافل واحتج ابن حزم على عدم الصحة بأنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يؤمهم أقرؤهم قال فعلى هذا إنما يؤم من يتوجه إليه الأمر والصبي ليس بمأمور لأن القلم رفع عنه فلا يؤم كذا قال ولا يخفى فساده لأنا نقول المأمور من يتوجه إليه الأمر من البالغين بأنهم يقدمون من اتصف بكونه أكثر قرآنا فبطل ما احتج به وإلى صحة إمامة الصبي ذهب أيضا الحسن البصري والشافعي وإسحق وكرهها مالك والثوري وعن أبي حنيفة وأحمد روايتان والمشهور عنهما الاجزاء في النوافل دون الفرائض (قوله لقول النبي صلى الله عليه وسلم يؤمهم أقرؤهم لكتاب) الله أي فكل من اتصف بذلك جازت إمامته من عبد وصبي وغيرهما وهذا طرف من حديث أبي مسعود الذي ذكرناه في باب أهل العلم أحق بالإمامة وقد أخرجه مسلم وأصحاب السنن بلفظ يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله الحديث وفي الحديث عمرو بن سلمة المذكور عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وليؤمكم أكثركم قرآنا وفي حديث أبي سعيد عند مسلم أيضا إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم واستدل بقوله أقرؤهم عن أن إمامة الكافر لا تصح لأنه لا قراءة له (قوله ولا يمنع العبد من الجماعة) هذا من كلام المصنف وليس من الحديث المعلق (قوله بغير علة) أي بغير ضرورة لسيده فلو قصد تفويت الفضيلة عليه بغير ضرورة لم يكن له ذلك وسنذكر مستنده في الكلام على قصة سالم في أول حديثي الباب (قوله عن عبيد الله) هو العمري (قوله لما قدم المهاجرون الأولون) أي من مكة إلى المدينة وبه صرح في رواية الطبراني (قوله العصبة) بالنصب على الظرفية لقوله قدم كذا في جميع الروايات وفي رواية أبي داود نزلوا العصبة أي المكان المسمى بذلك وهو بإسكان الصاد المهملة بعدها موحدة واختلف في أوله فقيل بالفتح وقيل بالضم ثم رأيت في النهاية ضبطه بعضهم بفتح العين والصاد المهملتين قال أبو عبيد البكري لم يضبطه الأصيلي في روايته والمعروف المعصب بوزن محمد بالتشديد وهو موضع بقباء (قوله وكان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة) زاد في الأحكام من رواية ابن جريج عن نافع وفيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة أي ابن عبد الأسد وزيد أي ابن حارثة وعامر بن ربيعة واستشكل ذكر أبي بكر فيهم إذ في الحديث أن ذلك كان قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر كان رفيقه ووجهه البيهقي باحتمال أن يكون سالم المذكور استمر على الصلاة بهم فيصح ذكر أبي بكر ولا يخفى ما فيه ووجه الدلالة منه إجماع كبار الصحابة القرشيين على تقديم سالم عليهم وكان سالم المذكور مولى امرأة من الأنصار فأعتقته وكأن إمامته بهم كانت قبل أن يعتق وبذلك تظهر مناسبة قول المصنف ولا يمنع العبد وإنما قيل له مولى أبي حذيفة لأنه السري أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بعد أن عتق فتبناه فلما نهوا عن ذلك قيل له مولاه كما سيأتي في موضعه واستشهد سالم باليمامة في خلافة أبي بكر رضي الله عنهما (قوله وكان أكثر هم قرآنا) إشارة إلى سبب تقديمهم له مع كونهم أشرف منه وفي رواية للطبراني لأنه كان أكثرهم قرآنا
(١٥٦)