ما أراد من هذا وقد سمعت من يتأول هذه الآية على من غير قبيلكم (1) من المسلمين ويحتج فيها بقول الله تبارك وتعالى (تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله لا نشترى به ثمنا) والصلاة الموقتة للمسلمين وبقول الله (ولو كان ذا قربى) وإنما القرابة بين المسلمين الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم من العرب أو بينهم وبين أهل الأوثان لا بينهم وبين أهل الذمة ويقول الله (ولا نكتم شهادة الله انا إذا لمن الآثمين) وإنما يتأثم من كتمان الشهادة للمسلمين المسلمون لا أهل الذمة (أخبرنا) أبو نصر بن قتادة أنبأ أبو منصور النضروي أنبأ أحمد بن نجدة ثنا سعيد بن منصور ثنا خالد بن عبد الله عن يونس عن الحسن في قوله (اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم) قال من المسلمين الا أنه يقول من القبيلة أو غير القبيلة - زاد فيه غيره عن الحسن ألا ترى أنه يقول (تحبسونهما من بعد الصلاة) وروينا عن عكرمة أنه قال (أو آخران من غيركم) قال من المسلمين من غير حيه (قال الشافعي رحمه الله) وقد سمعت من يذكر أنها منسوخة بقول الله عز وجل (واشهدوا ذوي عدل منكم) ورأيت مفتى أهل دار الهجرة والسنة يفتون ان لا تجوز شهادة غير المسلمين العدول وذلك قولي وحكى الشافعي رحمه الله في موضع آخر عن ابن المسيب وأبى بكر بن حزم وغيرهما انهم أبو إجازة شهادة أهل الذمة (قال الشيخ) هذا مع ما روى عن ابن المسيب انه كان يقول في قوله (أو آخران من غيركم) من أهل الكتاب دل على أنه اعتقد فيها النسخ أو حمل الآية على غير الشهادة كما نذكره إن شاء الله تعالى (وأخبرنا) أبو عبد الله الحافظ أنبأ أحمد بن كامل أنبأ محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية ثنا أبي حدثني عمى حدثني أبي عن أبيه عطية بن سعد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال هي منسوخة ومن أهل التفسير من حمل الشهادة المذكورة في هذه الآية على اليمين كما سميت ايمان المتلاعنين شهادة - (ومعنى الآية حينئذ ما أخبرنا) أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو الحسن الطرائفي وأبو محمد الكعبي قالا أنبأ إسماعيل بن قتيبة ثنا أبو خالد يزيد بن صالح حدثني بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان في قوله (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم) يقول شاهدان ذوا عدل منكم من أهل دينكم (أو آخران من غيركم) يقول يهوديين أو نصرانيين قوله (ان أنتم ضربتم في الأرض) وذلك أن رجلين نصرانيين من أهل دارين أحدهما تميم والآخر عدى صحبهما مولى لقريش في تجارة وركبوا البحر ومع القرشي مال معلوم قد علمه أولياؤه من بين آنية وبزورقة فمرض القرشي فجعل الوصية إلى الداريين فمات فقبض الداريان المال فلما رجعا من تجارتهما جاءا بالمال والوصية فدفعاه إلى أولياء الميت وجاءا ببعض ماله فاستنكر القوم قلة المال فقالوا للدار بين ان صاحبنا قد خرج معه بمال كثير مما أتيتما به فهل باع شيئا أو اشترى شيئا فوضع فيه أم هل طال مرضه فأنفق على نفسه قالا لا قالوا إنكما قد خنتما لنا (2) فقبضوا المال ورفعوا أمرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت) إلى آخر الآية فلما نزلت ان يحبسا بعد الصلاة أمرهما النبي صلى الله عليه وسلم فقاما بعد الصلاة فحلفا بالله رب السماوات ورب الأرض مترك مولاكم من المال الاما أتيناكم به وانا لا نشترى بايماننا ثمنا من الدنيا (ولو كان ذا قربى ولا تكتم شهادة الله انا إذا لمن الآثمين) فلما حلفا خلى سبيلهما ثم إنهم وجدوا بعد ذلك اناء من آنية الميت وأخذوا الداريين فقالا اشتريناه منه في حياته وكذبا فكلفا البينة فلم يقدرا (3) عليها فرفعوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تبارك وتعالى (فان عثر) يقول فان اطلع (على أنهما استحقا اثما) يعنى الداريين يقول إن كانا كتما حقا (فآخران) من أولياء الميت (يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله) يقول فيحلفان بالله ان مال صاحبنا كان كذا وكذا وان الذي نطلب قبل الداريين لحق (وما اعتدينا انا إذا لمن الظالمين)
(١٦٤)