الله فما الجدال بالتي هي أحسن والتي ليست بأحسن؟ قال: أما الجدال بغير التي هي أحسن: أن تجادل مبطلا فيورد عليك فلا ترده بحجة قد نصبها الله تعالى ولكن تجحد قوله أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة لأنك لا تدري كيف المخلص منه فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين. أما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته وضعف في يده حجة له باطله، وأما الضعفاء فتغم قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل. وأما الجدال التي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياءه له فقال الله حاكيا عنهم " وضرب لنا مثلا " (1) الحديث (2).
أقول: قال العلامة المجلسي رحمه الله تعالى ونعم ما قال: ويظهر من الأخبار أن المذموم منه ما كان الغرض فيه الغلبة وإظهار الكمال والفخر أو التعصب وترويج الباطل. وأما ما كان لإظهار الحق ورفع الباطل ودفع الشبه عن الدين وإرشاد المضلين فهو من أعظم أركان الدين لكن التمييز بينهما في غاية الصعوبة والإشكال، وكثيرا ما يشتبه أحدهما بالآخر في بادي النظر وللنفس تسويلات خفية لا يمكن التخلص منها إلا بفضله تعالى (3).
قال الأحمدي: ولأجل ذلك نهى الإمام عليه السلام ثلة من أصحابه عن الجدال لما يرى فيه من الضعف في إقامة البرهان والحجة ورخص لجمع منهم أو أمرهم على الاحتجاج والمجادلة بالتي هي أحسن. قال عليه السلام للطيار: أما كلام مثلك فلا بأس (أي من إذا طار يحسن أن يقع وإذا وقع يحسن أن يطير). وقال لعبد الرحمن بن الحجاج: يا عبد الرحمن كلم أهل المدينة، كان أبو الحسن