4 - سميناه ب " مواقف الشيعة مع خصومهم " والمراد من الشيعة هنا ما اصطلح عليه علماء العامة، فإنهم يطلقون هذا الاسم على كل من يفضل عليا على عثمان.
قال الحافظ شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852 ه في ترجمة أبان بن تغلب: فالتشيع في عرف المتقدمين هو اعتقاد تفضيل علي على عثمان، وأن عليا كان مصيبا في حروبه، وأن مخالفه مخطئ مع تقديم الشيخين وتفضيلهما، وربما اعتقد بعضهم أن عليا أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وإذا كان ذلك ورعا دينا صادقا مجتهدا فلا ترد روايته بهذا لا سيما إن كان غير داعية. وأما الشيع في عرف المتأخرين فهو الرفض المحض، فلا تقبل رواية الرافضي الغالي ولا كرامة (1).
وقال الحافظ الذهبي المتوفى سنة 748 وفي ترجمة أبان بن تغلب: فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم من تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب عليا رضي الله عنه وتعرض لسبهم، والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة ويتبرأ من الشيخين أيضا فهو ضال معثر... ولم يكن أبان يعرض للشيخين أصلا بل قد يعتقد عليا أفضل منهما (2).
وقال ابن حجر المتوفى سنة 852 ه: والتشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة، فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غال في تشيعه ويطلق عليه رافضي وإلا فشيعي، فإن انضاف إلى ذلك السب أو التصريح بالبغض فغال في الرفض وإن اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشد في الغلو (3).
5 - من تدبر في هذه الاحتجاجات يستفيد منها الأمور التالية.
ألف: يعرف ميزان القوة العاقلة والتفكر والدقة عند الشيعة، وأنهم علماء وحكماء وعقلاء بل في القمة من العقليات، وأن لهم النشاط السامي في التفكر