ففرح معاوية وظن أن كلامه يشتمل على قريش كلها، فقال: صدقت يا ابن صوحان! إن ذلك لكذلك.
فعرف صعصعة ما أراد، فقال: ليس لك ولا لقومك في ذلك إصدار ولا إيراد، بعدتم عن أنف المرعى، وعلوتم عن عذب الماء.
قال: فلم ذلك ويلك يا ابن صوحان؟ قال: الويل لأهل النار، ذلك لبني هاشم، قال: قم، فأخرجوه.
فقال صعصعة: الصدق ينبئ عنك لا الوعيد، من أراد المشاجرة قبل المحاورة.
فقال معاوية: لشئ ما سوده قومه، وددت والله! إني من صلبه. ثم التفت إلى بني أمية، فقال: هكذا فلتكن الرجال (1).
(179) صعصعة ومعاوية حبس معاوية صعصعة بن صوحان العبدي و عبد الله بن الكواء اليشكري ورجالا من أصحاب علي مع رجال من قريش. فدخل عليهم معاوية يوما، فقال: نشدتكم بالله! إلا ما قلتم حقا وصدقا، أي الخلفاء رأيتموني؟ فقال: ابن الكواء: لولا أنك عزمت علينا ما قلنا، لأنك جبار عنيد، لا تراقب الله في قتل الأخيار، ولكنا نقول: إنك ما علمنا واسع الدنيا ضيق الآخرة، قريب الثرى بعيد المرعى، تجعل الظلمات نورا والنور ظلمات.
فقال معاوية: إن الله أكرم هذا الأمر بأهل الشام الذابين عن بيضته التاركين لمحارمه، ولم يكونوا كأمثال أهل العراق المنتهكين لمحارم الله والمحلين ما حرم الله والمحرمين ما أحل الله.... ثم تكلم صعصعة فقال: