وأقلهم غناء فيها، غير أن لهم ثباتا في الدين وتمسكا بعروة اليقين، يتبعون الأئمة الأبرار، ويخلعون الفسقة الفجار.
فقال معاوية: من البررة والفسقة؟ فقال: يا ابن أبي سفيان! ترك الخداع من كشف القناع، علي وأصحابه من الأئمة الأبرار، وأنت وأصحابك من أولئك.
ثم أحب معاوية أن يمضي صعصعة في كلامه بعد أن بان فيه الغضب، فقال: أخبرني عن القبة الحمراء في ديار مضر؟ قال: أسد مضر بسلان بين غيلين، إذا أرسلتها افترست، وإذا تركتها احترست.
فقال معاوية: هنالك يا ابن صوحان العز الراسي، فهل في قومك مثل هذا؟ قال: هذا لأهله دونك يا ابن أبي سفيان! ومن أحب قوما حشر معهم.
قال: فأخبرني عن ديار ربيعة؟ ولا يستخفنك الجهل وسابق الحمية بالتعصب لقومك. قال: والله ما أنا عنهم براض، ولكني أقول فيهم وعليهم، هم والله! أعلام الليل، وأذناب في الدين والميل (هم والله أعلام الخيل وأرباب في الدين والميل خ ل) لن تغلب رايتها إذا رسخت، خوارج الدين، برازخ اليقين (جوارح الدين موارح اليقين خ) من نصروه فلج، ومن خذلوه زلج.
قال: فأخبرني عن مضر؟ قال: كنانة العرب، ومعدن العز والحسب، يقذف البحر بها آذيه والبر رديه.
ثم أمسك معاوية. فقال له صعصعة: سل يا معاوية! وإلا أخبرتك بما تحيد عنه. قال: وما ذاك يا ابن صوحان! قال: أهل الشام. قال: فأخبرني عنهم؟
قال: أطوع الناس لمخلوق وأعصاهم للخلق، عصاة الجبار وخلفة الأشرار، فعليهم الدمار ولهم سوء الدار.
فقال معاوية: والله يا ابن صوحان! إنك لحامل مديتك منذ أزمان، إلا أن حلم ابن أبي سفيان يرد عنك. فقال صعصعة: بل أمر الله وقدرته، إن أمر الله