أمية، فأخذته الأيدي والنعال لقوله، وهو يقول: " أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله " وكثرت الجلبة واللغط.
فاتصل ذلك بمعاوية، فوجه من يكشف الناس عنه فكشفوا، ثم أذن لهم فدخلوا.
فقال لهم: من هذا الرجل؟ فقالوا: رجل من العرب يقال له: " صعصة بن صوحان " معه كتاب من علي. فقال: والله! لقد بلغني أمره، هذا أحد سهام علي وخطباء العرب، وقد كنت إلى لقائه شيقا، إئذن له يا غلام.
فدخل عليه، فقال: السلام عليك يا ابن أبي سفيان! هذا كتاب أمير المؤمنين. فقال معاوية: أما إنه لو كانت الرسل تقتل في جاهلية أو إسلام لقتلتك! ثم اعترضه معاوية في الكلام وأراد أن يستخرجه ليعرف قريحته أطبعا أم تكلفا؟ فقال: ممن الرجل؟ قال: من نزال. قال: وما كان نزار؟ قال: كان إذا غزا نكس، وإذا لقي افترس، وإذا انصرف احترس. قال: فمن أي أولاده أنت؟ قال من ربيعة. قال:، وما كان ربيعة؟ قال: كان يطيل النجاد، ويعول العباد، ويضرب ببقاع الأرض العماد. قال فمن أي أولاده أنت؟ قال: من جديلة. قال: وما كان جديلة؟ قال: كان في الحرب سيفا قاطعا، وفي المكرمات غيثا نافعا، وفي اللقاء لهبا ساطعا. قال: فمن أي أولاده أنت؟ قال: من عبد القيس. قال: وما كان عبد القيس؟ قال كان خصيبا خضرما أبيض، وهابا لضيفه ما يجد، ولا يسأل عما فقد، كثير المرق، طيب العرق، يقوم للناس مقام الغيث من السماء.
قال: ويحك يا ابن صوحان! فما تركت لهذا الحي من قريش مجدا ولا فخرا.
قال: بلى والله يا بن أبي سفيان! تركت لهم ما لا يصلح إلا بهم، ولهم تركت الأبيض والأحمر والأصفر والأشقر والسرير والمنبر والملك إلى المحشر، وأنى لا يكون ذلك كذلك وهم منار الله في الأرض ونجومه في السماء؟