الناس كلهم لكانوا حلماء.
فقال له صعصعة بن صوحان: كذبت! قد ولدهم خير من أبي سفيان، من خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا له، فكان فيهم البر والفاجر والكيس والأحمق.
(185) أصحاب علي عليه السلام ومعاوية قال: ومن المجالس التي دارت بينهم: أن معاوية قال لهم: أيها القوم! ردوا خيرا أو اسكتوا، وتفكروا وانظروا فيما ينفعكم والمسلمين فاطلبوه، وأطيعوني.
فقال له صعصعة: لست بأهل ذلك، ولا كرامة لك أن تطاع في معصية الله.
فقال: إن أول كلام ابتدأت به أن أمرتكم بتقوى الله وطاعة رسوله، وأن تعتصموا جميعا ولا تفرقوا.
فقالوا: بل أمرت بالفرقة وخلاف ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله.
فقال: إن كنت فعلت، فإني الآن أتوب وآمركم بتقوى الله وطاعته ولزوم الجماعة، وأن توقروا أئمتكم وتطيعوهم.
فقال صعصعة: إن كنت تبت فإنا نأمرك أن تعتزل عملك، فإن في المسلمين من هو أحق به منك، ممن كان أبوه أحسن أثرا في الإسلام من أبيك، وهو أحسن قدما في الإسلام منك.
فقال معاوية: إن لي في الإسلام لقدما وإن كان غيري أحسن قدما مني، لكنه ليس في زماني أحد أقوى مني على ما أنا فيه مني، ولقد رأى عمر بن الخطاب ذلك، فلو كان غيري أقوى مني لم يكن عند عمر هوادة لي ولا لغيري، ولم أحدث ما ينبغي له أن اغتزل عملي، فلو رأى ذلك أمير المؤمنين لكتب إلي [بخط يده] فاعتزلت عمله، فمهلا! فإن في دون ما أنتم فيه ما يأمر الشيطان