الدار، فقال: أنشدكم الله، هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر " فجاء أحد غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: اللهم اشهد، فاعترف الجميع بصحته. ولم يك أمير المؤمنين عليه السلام ليحتج بباطل لا سيما وهو في مقام المنازعة والتوصل بفضائله إلى أعلى الرتب التي هي الإمامة والخلافة للرسول صلى الله عليه وآله وإحاطة علمه بأن الحاضرين معه في الشورى يريدون الأمر دونه، مع قول النبي صلى الله عليه وآله: " علي مع الحق والحق مع علي يدور حيثما دار " وإذا كان الأمر على ما وصفناه دل على صحة الخبر حسبما بيناه.
فاعترض بعض المجبرة فقال: إن احتجاج الشيعة برواية أنس من أطرف الأشياء، وذلك أنهم يعتقدون تفسيق أنس بل تكفيره فيقولون: إنه كتم الشهادة في النص حتى دعا عليه أمير المؤمنين عليه السلام ببلاء لا يواريه الثياب، فبرص على كبر السن ومات وهو أبرص، فكيف يستشهد برواية الكافرين؟.
فقالت المعتزلة: قد أسقط هذا الكلام الرجل ولم يجعل الحجة في الرواية أنسا، وإنما جعلها الإجماع، فهذا الذي أوردته هذيان، وقد تقدم إبطاله.
فقال السائل: هب إنا سلمنا صحة الخبر، ما أنكرت أن لا يفيد ما ادعيت من فضل أمير المؤمنين عليه السلام على الجماعة، وذلك: أن المعنى فيه " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي " يريد أحب الخلق إلى الله عز وجل في الأكل معه، دون أن يكون أراد أحب الخلق إليه في نفسه لكثرة أعماله، إذ قد يجوز أن يكون الله سبحانه يحب أن يأكل مع نبيه من غيره أفضل منه، ويكون ذلك أحب إليه للمصلحة.
فقال الشيخ أدام الله عزه: هذا الذي اعترضت به ساقط، وذلك أن محبة الله تعالى ليست ميل الطباع وإنما هي الثواب، كما أن بغضه وغضبه ليسا