رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للانسان عدو مبين " فأثبت الله جل اسمه المنام، وجعل له تأويلا عرفه أولياءه عليهم السلام وأثبته الأنبياء ودانت به خلفاؤهم وأتباعهم من المؤمنين، واعتمدوه في علم ما يكون، وأجروه مجرى الخبر مع اليقظة وكالعيان له. وقال سبحانه: " ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نريك من المحسنين " فنبأهما بتأويله، وذلك على تحقيق منه لحكم المنام، وكان سؤالهما مع جهلهما بنبوته دليلا على أن المنامات حق عندهم والتأويل لأكثرها صحيح إذا وافق معناها. وقال عز اسمه: " وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون * قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين " ثم فسرها يوسف عليه السلام فكان الأمر كما قال. وقال سبحانه في قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: " فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين " فأثبتا عليهما السلام الرؤيا وأوجبا الحكم بها، ولم يقل إسماعيل لأبيه عليه السلام: يا أبت لا تسفك دمي برؤيا رأيتها، فإن الرؤيا قد تكون من حديث النفس وأخلاط البدن وغلبة الطباع بعضها على بعض، كما ذهبت إليه المعتزلة.
فقول الإمامية في هذا الباب ما نطق به القرآن، وقول هذا الشيخ هو قول الملأ من أصحاب الملك حين قالوا: " أضغاث أحلام ". ومع ذلك فإنا لسنا نثبت الأحكام الدينية من جهة المنامات، وإنما نثبت من تأويلها ما جاء به الأثر عن ورثة الأنبياء عليهم السلام.
فأما قولنا في المعجزات: فهو كقول الله تبارك وتعالى: " وأوحينا إلى أم