(114) عبد الله بن عباس وابن الزبير روى عثمان بن طلحة العبدري، قال: شهدت من ابن عباس - رحمه الله - مشهدا ما سمعته من رجل من قريش، كان يوضع إلى جانب سرير مروان بن الحكم - وهو يومئذ أمير المدينة - سرير آخر أصغر من سريره، فيجلس عليه عبد الله بن عباس إذا دخل، وتوضع الوسائد فيما سوى ذلك، فأذن مروان يوما للناس، وإذا سرير آخر قد أحدث تجاه سرير مروان، فأقبل ابن عباس فجلس على سريره وجاء عبد الله بن الزبير وجلس على السرير المحدث، وسكت مروان والقوم. فإذا يد ابن الزبير تتحرك فعلم أنه يريد أن ينطق، ثم نطق فقال:
إن أناسا يزعمون أن بيعة أبي بكر كانت غلطا وفلتة ومغالبة، ألا إن شأن أبي بكر أعظم من أن يقال فيه هذا. ويزعمون أنه لولا ما وقع لكان الأمر لهم وفيهم، والله ما كان من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أحد أثبت إيمانا ولا أعظم سابقة من أبي بكر، فمن قال غير ذلك فعليه لعنة الله! فأين هم حين عقد أبو بكر لعمر؟ فلم يكن إلا ما قال. ثم ألقى عمر حظهم في حظوظ وجدهم في جدود، فقسمت تلك الحظوظ فأخر الله سهمهم وأدحض جدهم وولى الأمر عليهم من كان أحق به منهم، فخرجوا عليه خروج اللصوص على التاجر خارجا من القرية فأصابوا منه غرة فقتلوه. ثم قتلهم الله به كل قتلة، وصاروا مطرودين تحت بطون الكواكب.
فقال ابن عباس:
على رسلك أيها القائل في أبي بكر وعمر والخلافة، أما والله ما نالا ولا نال أحد منهما شيئا إلا وصاحبنا خير ممن نالا، وما أنكرنا تقدم من تقدم لعيب عبناه عليه، ولو تقدم صاحبنا لكان أهلا وفوق الأهل، ولولا أنك إنما تذكر