بمكة مرصدين للفتنة معرضين أنفسهما للهلكة. فأما ابن الزبير، فإنه صريع الفناء وقتيل السيف غدا. وأما الحسين، فقد أحببت الإعذار إليكم أهل البيت مما كان منه.
وقد بلغني أن رجالا من شيعته من أهل العراق يكاتبونه ويكاتبهم ويمنونه الخلافة ويمنيهم الإمارة، وقد تعلمون ما بيني وبينكم من الوصلة وعظيم الحرمة ونتايج الأرحام، وقد قطع ذلك الحسين وبته، وأنت زعيم أهل بيتك وسيد أهل بلادك، فألقه واردده عن السعي في الفرقة ورد هذه الأمة عن الفتنة، فإن قبل منك وأناب إليك فله عندي الأمان والكرامة الواسعة وأجري عليه ما كان أبي يجزيه على أخيه، وإن طلب الزيادة فاضمن له ما أراك الله، انفذ ضمانك وأقوم له بذلك، وله علي الأيمان المغلظة والمواثيق المؤكدة بما تطمئن به نفسه ويعتمد في كل الأمور عليه. عجل بجواب كتابي وبكل حاجة لك إلي وقبلي، والسلام.
قال هشام بن محمد: وكتب يزيد في أسفل الكتاب:
يا أيها الراكب الغادي لمطيته * على عذافرة في سيرها قحم أبلغ قريشا على نأي المزار بها * بيني وبين الحسين الله والرحم وموقف بفناء البيت أنشده * عهد الإله غدا يوفى به الذمم هنيتم قومكم فخرا بأمكم * أم لعمري حسان عفة كرم هي التي لا يداني فضلها أحد * بنت الرسول وخير الناس قد علموا إني لأعلم أو ظنا لعالمه * والظن يصدق أحيانا فينتظم أن سوف يترككم ما تدعون به * قتلي تهاداكم العقبان والرخم يا قومنا لا تشبوا الحرب إذ سكنت * وأمسكوا بحبال السلم واعتصموا قد غرت الحرب من قد كان قبلكم * من القرون وقد بادت بها الأمم فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا * فرب ذي بذخ زلت به القدم