ويلبسون جلود الضأن تحتها قلوب الذئاب والنمور، ليظن الناس أنهم من الزاهدين في الدنيا، يراؤون الناس بأعمالهم ويسخطون الله بسرائرهم. فادعوا الله أن يقضي لهذه الأمة بالخير والإحسان، فيولي أمرها خيارها وأبرارها ويهلك فجارها وأشرارها، ارفعوا أيديكم إلى ربكم وسلوه ذلك. فيفعلون.
فبلغ ذلك ابن الزبير، فكتب إليه:
أما بعد، فقد بلغني أنك تجلس بالطائف العصرين فتفتيهم بالجهل! تعيب أهل العقل والعلم. وإن حلمي عليك واستدامتي فيئك جرأك علي، فاكفف - لا أبا لغيرك - من غربك، وأربع على ظلعك، واعقل إن كان لك معقول، وأكرم نفسك، فإنك إن تهنها تجدها على الناس أعظم هوانا، ألم نسمع قول الشاعر:
فنفسك أكرمها فإنك إن تهن * عليك فلن تلقى لها الدهر مكرما وإني أقسم بالله لئن لم تنته عما بلغني عنك لتجدن جانبي خشنا، ولتجدنني إلى ما يردعك عني عجلا، فر رأيك، فإن أشفى بك شقاؤك على الردى، فلا تلم إلا نفسك.
فكتب إليه ابن عباس:
أما بعد، فقد بلغني كتابك، قلت: إني أفتي الناس بالجهل. وإنما يفتي بالجهل من لم يعرف من العلم شيئا، وقد آتاني الله من العلم ما لم يؤتك.
وذكرت أن حلمك عني واستدامتك فيئي جرأني عليك، ثم قلت:
اكفف من غربك وأربع على ظلعك، وضربت لي الأمثال أحاديث الضبع.
متى رأيتني لعرامك هائبا ومن حدك ناكلا؟
وقلت: لئن لم تكفف لتجدن جانبي خشنا. فلا أبقى الله عليك إن أبقيت، ولا أرعى عليك إن أرعيت. فوالله لا أنتهي عن قول الحق وصفة أهل العدل والفضل وذم الأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم