تنهاك عما لا يجوز لك، أما والله، لو عطفتك أواصر الأرحام أو حاميت على سهمك من الإسلام ما أرعيت بني الإماء المتك والعبيد الصك أعراض قومك.
وما يجهل موضع الصفوة إلا أهل الجفوة. وإنك لتعرف وشائظ قريش وصبوة غرائزها، فلا يدعونك تصويب ما فرط من خطئك في سفك دماء المسلمين ومحاربة أمير المؤمنين إلى التمادي فيما قد وضح لك الصواب في خلافه، فاقصد لمنهج الحق، فقد طال عمهك عن سبيل الرشد وخبطك في بحور ظلمة الغي.
فإن أبيت إلا تتابعنا في قبح اختيارك لنفسك فاعفنا في سوء القالة فينا إذا ضمنا وإياك الندى، وشأنك وما تريد إذا خلوت. والله حسيبك، فوالله لولا ما جعل الله لنا في يديك لما أتيناك.
ثم قال: إنك إن كلفتني ما لم أطق ساءك ما سرك مني من خلق.
فقال معاوية: يا أبا جعفر، أقسمت عليك لتجلسن، لعن الله من أخرج ضب صدرك من وجاره. محمول لك ما قلت، ولك عندنا ما أملت، فلو لم يكن محمدك ومنصبك لكان خلقك وخلقك شافعين لك إلينا، وأنت ابن ذي الجناحين وسيد بني هاشم.
فقال عبد الله: كلا، بل سيد بني هاشم حسن وحسين، لا ينازعهما في ذلك أحد.
فقال: أبا جعفر، أقسمت عليك لما ذكرت حاجة لك إلا قضيتها كائنة ما كانت ولو ذهبت بجميع ما أملك. فقال: أما في هذا المجلس فلا ثم انصرف.
فأتبعه معاوية بصره وقال: والله! لكأنه رسول الله صلى الله عليه وآله مشيه وخلقه وخلقه، وإنه لمن مشكاته، ولوددت أنه أخي بنفيس ما أملك.