سموا الحرورية، فقال: أخبروني ماذا نقمتم من الحكمين وقال الله في الشقاق: " فابعثوا حكما من أهله " (1) وقال في كفارة الصيد يصيبه المحرم: " يحكم به ذوا عدل منكم " (2)؟
قالوا: ما جعل الله حكمه إلى الناس وأمرهم بالنظر فيه فهو إليهم، وأما ما حكم به وأمضاه في الشرائع والسنن والعزائم فليس للعباد أن ينظروا فيه، ألا ترى أن الحكم (3) في الزاني والسارق والمرتد وأهل البغي مما لا ينظر العباد فيه ولا يتعقبونه. وقالوا: إن الله يقول: " يحكم به ذوا عدل منك " فعمرو بن العاص عدل؟ وحكم الله في معاوية وأتباعه أن يقاتلوا ببغيهم حتى يفيئوا إلى أمر الله. فلم يجبه أحد منهم. ويقال: أجابه ألفا رجل، ويقال: أربعة آلاف.
أقول: في هذا النقل سقط كما لا يخفى. وقد نقل الطبري (3) هذه المجادلة كما يأتي:
قال أبو مخنف في حديثه عن أبي جناب، عن عمارة بن ربيعة، قال: ولما قدم علي الكوفة وفارقته الخوارج وثبت إليه الشيعة، فقالوا: في أعناقنا بيعة ثانية نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت، فقالت الخوارج: استبقتم أنتم وأهل الشام إلى الكفر كفرسي رهان، بايع أهل الشام معاوية على ما أحبوا وكرهوا، وبايعتم أنتم عليا على أنكم أولياء من والى وأعداء من عادى. فقال لهم زياد بن النضر: والله ما بسط علي يده فبايعناه قط إليا على كتاب الله عز وجل وسنة نبيه ولكنكم لما خالفتموه جاءته شيعته فقالوا: نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت، ونحن كذلك، وهو على الحق والهدى، ومن خالفه ضال مضل.