أثر السجود في جباههم، كأن أيديهم ثفن الإبل، عليهم قمص مرخصة. فقالوا:
ما جاء بك يا ابن عباس؟ وما هذه الحلة عليك؟ قال: قلت: ما تعيبون مني؟
فلقد رأيت رسول الله أحسن ما يكون من ثياب اليمنية. قال: ثم قرأت هذه الآية " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " فقالوا: ما جاء بك؟ فقال: جئتكم من عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وليس فيكم منهم أحد، ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله، جئت لا بلغكم عنهم وأبلغهم عنكم. قال بعضهم:
لا تخاصموا قريشا، فإن الله يقول: " بل هم قوم خصمون " فقال بعضهم: بلى فلنكلمنه. قال: كلمني منهم رجلان أو ثلاثة.
قال: قلت: ماذا نقمتم عليه؟ قالوا: ثلاثا قلت: ما هن؟ قالوا: حكم الرجال في أمر الله وقال الله: " إن الحكم إلا لله " قال: فقلت: هذه واحدة، وماذا أيضا؟ قال: فإنه قاتل ولم يسب ولم يغنم، فلئن كانوا مؤمنين ما حل قتالهم، ولئن كانوا كافرين لقد حل قتالهم وسبيهم. قال: قلت: وماذا أيضا؟
قالوا: ومحا نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين.
قال: قلت: أرايتكم إن أتيتكم من كتاب الله وسنة رسوله ما ينقض قولكم هذا أترجعون؟ قالوا: وما لنا لا نرجع؟.
قال: قلت: أما حكم الرجال في أمر الله: فإن الله قال في كتابه: " يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم " وقال في المرأة وزوجها: " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها " فصير الله ذلك إلى حكم الرجال. فنشدتكم الله أتعلمون حكم الرجال في دماء المسلمين وإصلاح ذات بينهم أفضل، أو في حكم أرنب ثمن ربع درهم، وفي بضع امرأة؟ قالوا: بلى هذا أفضل. قال: أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم.