نحوها، قلت لعلي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين، أبرد الصلاة لعلي ألقى هؤلاء القوم. فقال: إني أخافهم عليك، قال: فقلت: كلا، قال: ثم لبس حلتين من أحسن الحلل. قال: وكان ابن عباس جميلا جهيرا.
قال: فأتيت القوم، قال: فلما نظروا إلي قالوا: مرحبا بابن عباس، فما هذه الحالة؟ قال: قلت: وما تنكرون من ذلك؟ لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة من أحسن الحلل، قال: ثم تلوت عليهم " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده " قالوا: فما جاء بك؟ قلت: جئتكم من عند أمير المؤمنين ومن عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ومن عند المهاجرين والأنصار لا بلغكم ما قالوا ولا بلغهم ما تقولون. فما تنقمون من علي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره؟ قال: فأقبل بعضهم على بعض، فقال بعضهم: لا تكلموه فإن الله تعالى يقول: " بل هم قوم خصمون " وقال بعضهم: ما يمنعهم من كلام ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يدعونا إلى كتاب الله؟.
قالوا: ننقم عليه خلالا ثلاثا. قال: وما هن؟ قالوا: حكم الرجال في أمر الله عز وجل، وما للرجال ولحكم الله؟ وقاتل ولم يسب ولم يغنم، فإن كان الذي قاتل قد حل قتالهم فقد حل سبيهم، وإن لم يكن حل سبيهم فما حل قتالهم.
ومحا اسمه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير المشركين. قال:
فقلت لهم: غير هذا؟ قالوا: حسبنا هذا.
قال: قلت: أرأيتم إن خرجت من هذا بكتاب الله وسنة رسوله أراجعون أنتم؟ قالوا: وما يمنعنا؟.
قلت: أما قولكم: حكم الرجال في أمر الله، فإني سمعت الله عز وجل يقول في كتابه: " يحكم به ذوا عدل منكم " في ثمن صيد أرنب أو نحوه يكون قيمته ربع درهم، فرد الله الحكم فيه إلى الرجال، ولو شاء أن يحكم لحكم.