(85) ابن عباس وعثمان روى الزبير أيضا في الموفقيات عن ابن عباس - رحمه الله - قال صليت العصر يوما ثم خرجت فإذا أنا بعثمان بن عفان في أيام خلافته في بعض أزقة المدينة وحده! فأتيته إجلالا وتوقيرا لمكانه. فقال لي: هل رأيت عليا؟ قلت:
خلقته في المسجد، فإن لم يكن الآن فيه فهو في منزله. قال: أما منزله فليس فيه فابغه لنا في المسجد.
فتوجهنا إلى المسجد وإذا علي عليه السلام يخرج منه. قال ابن عباس: وقد كنت أمس ذلك اليوم عند علي، فذكر عثمان وتجرمه عليه، وقال: أما والله يا ابن عباس، إن من دوائه لقطع كلامه وترك لقائه، فقلت له: يرحمك الله، كيف لك بهذا؟ فإن تركته ثم أرسل إليك فما أنت صانع؟ قال: أعتل وأعتل فمن يقسرني؟ قال: لا أحد.
قال ابن عباس: فلما تراءينا له وهو خارج من المسجد ظهر منه من التفلت والطلب للانصراف ما استبان لعثمان، فنظر إلي عثمان وقال: يا بن عباس، أما ترى ابن خالنا يكره لقاءنا؟ فقلت: ولم؟ وحقك ألزم وهو بالفضل أعلم. فلما تقاربا رماه عثمان بالسلام فرد عليه. فقال عثمان: إن تدخل فإياك أردنا وإن تمض فإياك طلبنا. فقال علي: أي ذلك أحببت. قال:
تدخل، فدخلا، وأخذ عثمان بيده فأهوى به إلى القبلة فقصر عنها وجلس قبالتها، فجلس عثمان إلى جانبه، فنكصت عنهما، فدعواني جميعا فأتيتهما، فحمد عثمان الله وأثنى عليه وصلى على رسوله، ثم قال:
أما بعد، يا بني خالي وابني عمي، فإذ جمعتكما في النداء فسأجمعكما في الشكاية عن رضاي على أحدكما ووجدي على الآخر، إني أستعذركما من