(76) ابن عباس وعمر كان عبد الله بن عباس عند عمر، فتنفس عمر نفسا عاليا، قال ابن عباس:
حتى ظننت أن أضلاعه قد انفرجت! فقلت له: ما أخرج هذا النفس منك يا أمير المؤمنين إلا هم شديد، قال: إي والله يا ابن عباس! إني فكرت فلم أدر فيمن أجعل هذا الأمر بعدي. ثم قال: لعلك ترى صاحبك لها أهلا! قلت:
وما يمنعه من ذلك مع جهاده وسابقته وقرابته وعلمه؟ قال: صدقت، ولكنه امرؤ فيه دعابة، قلت: فأين أنت من طلحة؟ قال: هو ذو البأو بإصبعه المقطوعة، قلت: فعبد الرحمن؟ قال: رجل ضعيف لو صار الأمر إليه لوضع خاتمه بيد امرأته، قلت: فالزبير؟ قال شكس لقس يلاطم في البقيع في صاع من بر، قلت: فسعد ابن أبي وقاص؟ قال: صاحب مقنب وسلاح، قلت:
فعثمان؟ قال: أوه! أوه! مرارا، ثم قال: والله لئن وليها ليحملن بني أبي معيط على رقاب الناس ثم لتنهضن إليه العرب فتقتله.
ثم قال: يا ابن عباس، إنه لا يصلح لهذا الأمر إلا حصيف العقدة قليل الغرة لا تأخذه في الله لومة لائم، يكون شديدا من غير عنف، لينا من غير ضعف، جوادا من غير سرف، ممسكا من غير وكف. قال ابن عباس: وكانت هذه صفات عمر، ثم أقبل علي فقال: إن أحراهم أن يحملهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم لصاحبك! والله لئن وليها ليحملنهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم (1).