مات كسرى كان كسرى مكانه، لا نفعل والله أبدا، وبعث إليه معاوية بمائة ألف درهم بعد أن أبى البيعة ليزيد، فردها عليه عبد الرحمن، وأبى أن يأخذها، وقال:
أبيع ديني بدنياي!؟ فخرج إلى مكة، فمات بها قبل أن تتم البيعة ليزيد بن معاوية (1). " وذكر ابن عبد البر بعده وقال: " إن عبد الرحمن مات فجأة بموضع يقال له:
" الجشي " (2) على نحو عشرة أميال من مكة فدفن بها، ويقال أنه توفي في نومة نامها، ولما اتصل خبر موته بأخته عائشة أم المؤمنين (رض) ظعنت من المدينة حاجة حتى وقفت على قبره، وكانت شقيقته، فبكت عليه وتمثلت:
وكنا كندماني جذيمة حقبة * من الدهر حتى قيل لن يتصدعا فلما تفرقنا كأني ومالكا * لطول اجتماع لم نبت معا (3) أما والله لو حضرتك لدفنتك حيث مكانك، ولو حضرت ما بكيت ".
وفي مستدرك الحاكم:
رقد في مقيل قاله فذهبوا يوقظونه فوجدوه قد مات، فدخل في نفس عائشة تهمة أن يكون صنع به شرا وعجل عليه فدفن وهو حي (4).
لو بقي عبد الرحمن حيا لما تمت بيعة يزيد مع موقفه الصارم ضد بيعته ومعه أم المؤمنين عائشة فمات في طريق مكة، كما مات مالك الأشتر في طريق مصر مسموما بسم دس إليه معاوية (5).
مات عبد الرحمن ليفسح الطريق لبيعة يزيد كما توفي قبله الإمام الحسن بسم دس إليه معاوية، اغتيل عبد الرحمن في هذا السبيل كما اغتيل سعد بن أبي وقاص