الحسن الرضا، عن أبيه عليهما السلام قال: رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قوم في بعض غزواته، فقال صلى الله عليه وآله: من القوم؟ فقالوا: مؤمنون يا رسول الله قال: وما بلغ من إيمانكم؟ قالوا: الصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بالقضاء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حلماء (1) علماء، كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء إن كنتم كما تصفون، فلا تبنوا مالا تسكنون، ولا تجمعوا مالا تأكلون، و اتقوا الله الذي إليه ترجعون (2).
بيان: " رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله " كمنع على بناء المعلوم أي أسرعوا إليه، أو على بناء المجهول أي ظهروا، فان الرفع ملزوما للظهور، قال في المصباح رفعته: أذعته، ومنه رفعت على العامل رفيعة، ورفع البعير في سيره: أسرع، و رفعته: أسرعت به، يتعدى ولا يتعدى انتهى.
وقال الكرماني في شرح البخاري: فيه فرفعت لنا صخرة، أي ظهرت لابصارنا، وفيه فرفع لي البيت المعمور: أي قرب وكشف انتهى، ويمكن أن يقرء بالدال، ولكن قد عرفت أنه لا حاجة إليه، قال في المصباح: رفعت إلى كذا بالبناء للمفعول: انتهيت إليه.
" من القوم؟ " أي من أي صنف من الناس أنتم؟ " فقالوا مؤمنون " أي نحن مؤمنون " وما بلغ من إيمانكم " من، تبعيضية، أي بأي حد بلغ بعض إيمانكم أي اذكروا بعض شرائط الايمان منكم بأي حد بلغ، أو زائدة، أو سببية أي ما بلغكم ووصل إليكم بسبب إيمانكم، أو البلوغ بمعنى الكمال و " من " للتبعيض أي ما كمل من صفات إيمانكم.
" حلماء " أي هم حلماء، من الحلم بالكسر بمعنى العقل، أو عدم المبادرة عند الغضب " مالا تسكنون " أي ما يزيد على ما اضطررتم إليه من المسكن، وكذا " لا تجمعوا " ما لم تدعكم الضرورة للاكل إليه، ويمكن تعميم الاكل بحيث