إن قالوا: فأنتم خالفتم أيضا ما أجمع عليه، فيلزمكم ما ألزمتمونا فيه فأجزتم جمع الفرائض والتفريق مجز إجماعا ونكاح المرأة على عمتها وخالتها بإذنها وعدمه جايز إجماعا، واستحببتم الجريدتين، وتركهما غير مخل إجماعا، ولم توجبوا الوضوء مع غسل الجنابة وفعله غير مبطل إجماعا، وأجزتم النكاح بغير ولي ولا شهود، وبهما صحيح إجماعا ونحو ذلك يظهر لمن تتبعه.
قلنا: أما تفريق الفرائض فندب إجماعا، والنكاح على العمة منطوق القرآن (فانكحوا ما طاب (1)) (وأحل لكم ما وراء ذلكم (2)) وقد أسلفنا في الجريدتين ما رويتم، وقدمنا الدليل على عدم اشتراط الولي والإشهاد، والوضوء من كتاب الله وكتبكم، فلا اشتراك بيننا وبينكم ولله المنة.
* * * فهذا ما تهيأ لي في جمع الصراط المستقيم، إلى مستحقي التقديم. وقد أردفته من المعقول معان مستغربة الإشارات، مستعذبة العبارات، وأردفته من المنقول تقريب الكلمات، وتهذيب المقدمات، فجاء بحمد الله محصول فصوله متخلصا من تضليل معانيه، وكان بعون الله مدلول أصوله ملخصا من تطويل مبانيه، حيث استعنت من الله بمنه ومنعته، واستبنت من لطفه ورحمته واعتضدت بطوله وعزته، و اعتمدت على حوله وقوته.
وأسأل الله الكريم أن يستمر بي على اعتقاد صحته، وأطلب من فضله العميم أن يجازيني على جمعه النعيم بجنته، عالما بأنه يجيب من دعاه من عباده، ولا يخيب من رجاه لمعاشه ومعاده، ولأختمه بأبيات سنحت لي عند نظامه، وسمحت بها فكرتي عند تمامه: