قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) بالكوفة، أيام قدم على أبي العباس، فلما انتهينا إلى الكناسة فنظر عن يساره، ثم قال: " يا مفضل هاهنا صلب عمي زيد (ره) "، ثم مضى حتى أتى طاق الزياتين (١)، وهو آخر السراجين، فنزل فقال لي: " انزل فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول، الذي (كان) (٢) خطه آدم (عليه السلام)، وانا أكره أن أدخله راكبا " فقلت له: فمن غيره عن خطته؟ فقال: " أما أول ذلك فالطوفان في زمن نوح (عليه السلام)، ثم غيره بعده أصحاب كسرى والنعمان بن منذر، ثم غيره زياد بن أبي سفيان "، فقلت له: جعلت فداك، وكانت الكوفة ومسجدها زمن نوح فقال: " نعم يا مفضل، وكان منزل نوح وقومه في قرية على متن الفرات (٣)، مما يلي غربي الكندة (٤)، قال: وكان نوح رجلا نجارا فأرسله (٥) الله، وانتجبه، ونوح أول من عمل سفينة تجري على ظهر الماء، وان نوحا لبث في قومه الف سنة الا خمسين عاما، يدعوهم إلى الهدى، فيمرون به ويسخرون منه، فلما رأى ذلك منهم، دعا عليهم فقال: ﴿رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا - إلى قوله - إلا فاجرا كفارا﴾ (6).
قال: فأوحى الله إليه: يا نوح أن اصنع الفلك، وأوسعها، وعجل عملها بأعيننا ووحينا، فعمل نوح سفينته في مسجد الكوفة