يا هشام، من أراد الغنى بلا مال، وراحة القلب من الحسد، والسلامة في الدين، فليتضرع إلى الله عز وجل في مسألته بأن يكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه، ومن قنع بما يكفيه استغنى، ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبدا.
يا هشام، إن الله حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها.
إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله، ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة
____________________
من الطوارئ التي ليس من حق الدنيا في ذاتها أن تكون موصوفة بها، فلو أتى بالعاطف لفاتت تلك الدلالة. وأما الآخرة فلما كان الأمران - أي الطالبية والمطلوبية - كلاهما مما تستحقها وتتصف بها في ذاتها فأتى بالعاطف.
وإن حمل قوله: " الدنيا طالبة مطلوبة " على تعدد الخبر، ففي ترك العاطف دلالة على عدم ارتباط طالبيتها بمطلوبيتها (1)، وأما في الآخرة فالأمران فيها مرتبطان لا يفارق أحدهما الآخر، (2) ولذا أتى بالواو الدالة على التقارن في أصل الثبوت لها.
قوله: (إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله) إلى آخره.
لعل المراد أنه من لم يكن صالحا لم يخف الله؛ لأنه من لم يكن صالحا لم يكن قوله مصدقا لفعله، وسره موافقا لعلانيته؛ ومن لم يكن كذلك لم يكن ذا معرفة ثابتة (3) يجد حقيقتها في قلبه؛ لأن الله تبارك وتعالى جعل الظاهر دليلا على الباطن، فالفعل ظاهر (4) يدل على الاعتقاد الذي هو من الخفايا والسرائر ويكشف عنه،
وإن حمل قوله: " الدنيا طالبة مطلوبة " على تعدد الخبر، ففي ترك العاطف دلالة على عدم ارتباط طالبيتها بمطلوبيتها (1)، وأما في الآخرة فالأمران فيها مرتبطان لا يفارق أحدهما الآخر، (2) ولذا أتى بالواو الدالة على التقارن في أصل الثبوت لها.
قوله: (إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله) إلى آخره.
لعل المراد أنه من لم يكن صالحا لم يخف الله؛ لأنه من لم يكن صالحا لم يكن قوله مصدقا لفعله، وسره موافقا لعلانيته؛ ومن لم يكن كذلك لم يكن ذا معرفة ثابتة (3) يجد حقيقتها في قلبه؛ لأن الله تبارك وتعالى جعل الظاهر دليلا على الباطن، فالفعل ظاهر (4) يدل على الاعتقاد الذي هو من الخفايا والسرائر ويكشف عنه،