الحاشية على أصول الكافي - رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني - الصفحة ٥٠٢
بقول أهل الجنة، ولا بقول أهل النار، ولا بقول إبليس، فإن أهل الجنة قالوا (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) وقال أهل النار: (ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين) وقال إبليس: (رب بما أغويتني) ". فقلت: والله ما أقول بقولهم، ولكني أقول: لا يكون إلا بما شاء الله وأراد وقدر وقضى، فقال: " يا يونس، ليس هكذا، لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى. يا يونس، تعلم ما المشيئة؟ " قلت: لا، قال: " هي الذكر الأول، فتعلم ما الإرادة؟ " قلت: لا، قال: " هي العزيمة على ما يشاء، فتعلم ما القدر؟ " قلت: لا، قال: " هي الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء "، قال: ثم قال:
____________________
ومن يقول بعدم مدخلية قضاء الله وقدره، وباستقلال إرادة العبد به، واستواء نسبته إلى الإرادتين وصدور أحدهما عنه لا بموجب غير الإرادة - كما ذهب إليه بعض المعتزلة - لا يقول بقول أهل الجنة من استناد (1) هدايتهم إليه سبحانه، ولا بقول أهل النار من استناد (2) ضلالهم (3) إلى شقوتهم، ولا بقول إبليس من استناد (4) الإغواء إليه سبحانه.
قوله: (لا يكون إلا بما شاء الله) أي إلا بالذي شاء الله، أو بشيء شاء الله.
ولما كانت هذه العبارة قاصرة عن الدلالة على المراد، قال (عليه السلام): (ليس هكذا) أي ليس التعبير عما هو هكذا، بل العبارة عنه (لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى).
وقوله: (هي الذكر الأول) أي المشية فينا هي توجه النفس إلى المعلوم بملاحظة صفاته وأحواله المرغوبة الموجبة لحركة النفس إلى تحصيله، وهذه الحركة النفسانية فينا وانبعاثها لتحصيله هي العزم والإرادة، وفي الواجب تعالى ما يترتب عليه أثر هذا التوجه، ويكون بمنزلته.
وقوله: (هي الهندسة).
" الهندسة " مأخوذ من الهنداز، وهي فارسية ومعناها تحديد مجاري الأمور، فلما

1 و 2. في " ل ": " إسناد ".
3. في " خ، ل ": " ضلالتهم ".
4. في " ل، م ": " إسناد ".
(٥٠٢)
مفاتيح البحث: الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 ... » »»
الفهرست