الحاشية على أصول الكافي - رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني - الصفحة ١٣٣
3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه ".
4. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان الأحمر، عن زياد بن أبي رجاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " ما علمتم فقولوا، وما لم تعلموا
____________________
و" الدين " اسم لجميع ما يتعبد (1) الله به والملة.
قوله (عليه السلام): (من أفتى الناس بغير علم ولا هدى). (2) الهدى - بضم الهاء -: الطريقة والسنة التي يهتدى (3) به والدلالة. وإنما يجوز الإفتاء والجواب في المسائل وإبانتها والحكم فيها بعلم حاصل من مأخذه، سواء كان من جانب الله سبحانه ابتداء، أو بتوسط ملاحظة برهان أو دليل، أو إرشاد ودلالة من العالم، أو اتباع من يهتدى بهداه، فبذكر الهدى بعد العلم نبه على أنه العمدة في أسباب العلم بما يحتاج إليه في الفتيا، فمن أفتى بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة؛ حيث تعرض لما يوجب الحرمان من رحمة الله، وملائكة العذاب؛ حيث أتى بما يستحق به العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه، منضما إلى وزره بفتياه؛ حيث أضله، ولو لا إفتاء غير العالم لراجعوا إلى العالم وأخذوا منه.
قوله (عليه السلام): (ما علمتم فقولوا، وما لم تعلموا فقولوا: الله أعلم).
هذا خطاب مع العلماء من شيعته وأصحابه، وهم العالمون بكثير من المسائل أو

١. في " خ ": " يعبد ".
٢. في حاشية " م ": في قوله (عليه السلام): " ولا هدى... " تنبيه على أن العلم وحده غير كاف في جواز الإفتاء، بل لا بد معه من الهدى. والظاهر أن المراد به التقوى والورع ونحوهما، فإن العالم غير المهتدي لا يتحرج عن الإقدام على ما لا يجوز، وظاهره أنه لا يجوز له أن يفتي وإن كانت فتواه موافقة للصواب، ولا يجوز العمل بفتواه كذلك؛ لأن المراد - والله أعلم -: من أفتى الناس من غير أن يجمع بين الأمرين: العلم والهدى. لا من غير أن يكون فيه أحدهما. ففي الحديث دلالة على العدالة التي اشترطت في الإفتاء، فإن غير العدل لا هدى [له ولو] عمل بعلمه.
3. في " خ ": " تهتدى ".
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست