الحاشية على أصول الكافي - رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني - الصفحة ١١٠
للعلماء، التابع للحلماء، القابل عن الحكماء ".
6. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): " من تعلم العلم، وعمل به، وعلم لله دعي في ملكوت السماوات عظيما، فقيل: تعلم لله، وعمل لله، وعلم لله ".
____________________
والمراد بالحلماء: العقلاء، ومتابعتهم: سلوك طريقتهم التي سلكوها. (والقابل عن الحكماء): الآخذ عنهم ولو بواسطة أو وسائط.
والمراد بالحكماء العدول الآخذون بالحق والصواب قولا وعملا.
والظاهر أن المراد بالحلماء والحكماء الأنبياء والأوصياء والقريب منهم كلقمان وآصف؛ فإن كمال العقل والحكمة لهم. والعلماء يشمل غيرهم ومن لا يدنوهم من أهل العلم.
قوله: (من تعلم العلم وعمل به وعلم لله). (1) أي يكون كل من التعلم والعمل والتعليم لله، كما صرح به في آخر الحديث.
وقوله: (دعي في ملكوت السماوات (2) عظيما) أي سمي عظيما، وذكر بالعظمة في ملكوت السماوات.
والملكوت مبالغة الملك، (3) أي أعلى مراتبه الجامعة لتوابع الملك ولوازمه من

1. في حاشية " م ": الترتيب يشعر بوجوب تقديم العمل على التعليم.
2. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " ملكوت السماوات " أي ملائكة السماوات؛ تسمية المتعلق باسم المتعلق، فإن الملكوت وصف لله تعالى، وهو مصدر من " الملك " بضم الميم وسكون اللام: السلطنة، بني للمبالغة، كالرهبوت من الرهبة.
3. في حاشية " خ ": الملك نسبة المالك إلى ما يملكه ويتصرف فيه من ماله من غير ذوي العقول والاختيار، والملكوت نسبة الملك إلى من يملكهم ويتصرف في نفوسهم وإراداتهم بالأمر والنهي. فما سوى الله تعالى إن كان انقياده وطاعته له تعالى بلا علم وإرادة واختيار ظاهر، فهو من عالم الملك؛ وإن كان انقياده وطاعته له بعلم وإرادة واختيار تابع لأمره ونهيه تعالى، فهو من عالم الأمر وعالم الملكوت. وعن ظاهر الحسن: " لا ملكوتي إلا الإنسان " وفي باطن العقل كل جزء من السماوات والأرض له علم وإرادة واختيار، تابع لأمره ونهيه، وكل جزء من عالم الملكوت له شأن خاص وأمر مخصوص هو منشؤه ومصدره ومورده بإذن خالقه. والشؤون المتداولة بين الملكوتيين متفاوتة في الكلية والجزئية، مندرجة جزئياتها تحت كلياتها، ومستخدمة شرائفها خسائسها، مرتبة فمرتبة إلى أن ينتهي إلى الإنسان الكلي الذي لا غاية له إلا ظهور الذات الأحدي باسمه العظيم الأكبر الجامع لجميع الأسماء والصفات، وهو اسم الألوهية. فشأن ملكوت هذا الاسم هو الشأن العظيم الذي لا شأن في ملكوت السماوات والأرض أعظم منه، فمن كان تعلمه لله وعمله وتعليمه لله، كان في الملكوتيين من طبقة هذا الاسم الأعظم. وكان علمه وعمله بالنظر إلى غايتهما كليا، فيكون مبدؤهما أيضا كليا، بناء على قولهم: أول البغية آخر الدرك وآخر الدرك أول البغية؛ فلذلك يدعى هذا الشخص في الملكوت عظيما. (لراقمه خليل).
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست