شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٢٨
فيحمد الله تعالى على ما أعطاه وأنعمه مما منع عنه الفقير ويشكره بالظاهر والباطن وبأداء الحقوق المالية وينظر الفقير إلى الغني فيدعو ربه ويسأله أن يعطيه، والاختلاف في الغني والفقير فائدة أخرى هي انتظام أمورهم في التمدن والاجتماع، إذ لو كان كلهم غنيا لما خدم بعضهم بعضا، ولو كان كلهم فقيرا لما حصل نفع في مقابل الخدمة فيفضى ذلك إلى تركها وعلى التقديرين يلزم بطلان النظام وانقطاع النوع وفساد أسباب الحياة من الزارعة والخياطة والحياكة وغيرها من الصناعات الجزئية وكذلك اختبر المؤمن بالكفار وبالعكس لينظر المؤمن إلى الكافر فيحمده على ما هداه إليه ووفقه له، وينظر الكافر إلى المؤمن وحسن ظاهره وباطنه فيرجع عن الكفر ويتوب ولم يذكره لعدم الاغتناء بشأنه ولمال ذكر جملة من حكمة الابتلاء والاختبار على سبيل التفصيل أشار إلى البواقي على سبيل الاجمال بقوله «فلذلك خلقتهم لأبلوهم في السراء والضراء إلى آخره» لأن جلها بل كلها مندرج فيه كما يظهر بالتأمل.
قوله: (وأنا الله الملك القادر) أشار بلفظ الله إلى أنه كامل من جهة الذات والصفات الذاتية والفعلية لدلالته على أن كل ماله من الصفات على وجه الكمال فلا يكون خلقه على وجه الاختلاف عبثا لأن البعث نقص والنقص على الكمال من جميع الجهات محال وبلفظ ملك على أنه مسلط على جميع الممكنات فلا يعتريه العجز عن ايجاد ما أراد، فلو كانت الحكمة في غير الاختلاف لأراده بلا مانع ولما لم يرد علم أنها في الاختلاف، وبلفظ القادر إلى أنه ليس بموجب لا يقدر على ايجاد الضدين كالفقر والغنى والصحة والسقم وغير ذلك وهذه حكمة أخرى لاختيار الاختلاف وإلى أن فعله مسبوق بالإرادة، والفعل الإرادى لا يكون إلا لحكمة ومصلحة هذا القدر كاف في الاذعان بان الاختلاف في خلقه لا يخلو عن حكمة وإن لم يعلم تفاصيلها.
قوله: (ولى أن أضى) إشارة إلى أنه يجوز البداء في بعض المقدرات والمدبرات وقد مر في آخر كتاب التوحيد تفسير البداء ومواقع جوازه وهي ما لم يبلغ الامضاء الحتم مثلا إذا قدر صحة زيد أو سقمه أو غناه أو فقره أو طول عمره أو قصره تقديرا غير حتمي مشروطا بالتصدق أو صلة الرحم أو بعدمها جاز البداء والتغيير.
قوله: (وإنا الله الفعال لما أريد) وهو فعال لأنه يفعل كل ما يريده على وجه يريد بلا منازع ولا مدافع على وجه أحسن بحيث لو اجتمع العقلاء على أن يزيدوا أو ينقصوا طلبا لزيادة الحسن لما قدروا. ومن توهم امكان إلا حسن في بعض أجزاء العالم فهو غافل عن المصالح الكلية والجزئية، وفيه تنبيه على أن له الامضاء والتغيير والتقديم والتأخير تحقيقا لمعنى المبالغة في الفعل.
قوله: (لا أسأل عما أفعل) لأنه لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة، والحكيم على الاطلاق لا يسأل
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428