الاختبار يعود أن إلى الغير لا إليه سبحانه.
قوله: (والطاعة والمعصية) اسناد خلقهم إليه جل شأنه اسناد إلى العلة البعيدة أو المراد به جعل المعصية معصية والطاعة طاعة، أو المراد بالخلق التقدير.
قوله: (والجنة والنار) دل على أنهما مخلوقتان الآن، ذهب إليه المحقق في التجريد وهو مذهب الأكثر والآيات والروايات شواهد صدق عليه، وذهب كثير من المعتزلة أنهما غير مخلوقين وأنما تخلقان يوم القيامة.
قوله: (وكذلك أردت) أي كون الغرض من خلقهم هو الابلاء والاختبار أردت في تقديري لهم على النحو المختلف أو للممكنات وحقائقها وصفاتها يعني أن الغرض في تقديرى الممكنات وتدبيرى فيها هو اختبار الثقلين.
قوله: (فجعلت منهم الشقي والسعيد والبصير والأعمى) السعيد من عرف ربه وسلك سبيله حتى وصل إليه، والوصول هو الغاية العظمى للسعادة بل هو عينها ولا يحصل له ذلك إلا بمجاهدته على القوة الشهوية والغضبية وغلبته على لوازمها من الاخلاق الرذيلة، الشقي من لم يعرفه ولم ينكره أو أنكره أو عرفه ولم يسلك سبيله سواء وقف فيه أو رجع عنه وجعلها وراء ظهره أو مال عنه يمنة ويسرة فالسعيد صنف واحد والشقي أصناف لاتحاد طريق الحق وكثرة طرق الباطل والظاهر أن المراد بالبصير والأعمى واجد نور الباصرة، وفاقده ويمكن أن يراد بهما واجد نور البصيرة وفاقده.
قوله: (والجميل والدهم) الجميل الحسن الوجه، والهيئة، وجمل الرجل - بالضم والكسر - فهو جميل، وامرأة جميلة. والدهم الأسود القبيح المنظر والهيئة من الدهمة، وهي السواد ومنه الفرس الأدهم إذا اشتد سواده حتى ذهب بياضه [وفي بعض النسخ «والجميل والدميم»].
قوله: (ومن به الزمانة ومن لا عاهة به) الزمانة الآفة والعاهة فعله بفتح العين وعينها ياء. وفي المصابح زمن الشخص زمنا وزمانة فهو زمن من باب تعب وهو مرض يدوم زمانا طويلا.
قوله: (فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة) اختبر الصحيح بذي العاهة وبالعكس ولو كانوا كلهم أهل الصحة فاتت الحكمة الأولى وهي الحمد والحث عليه ولو كانوا كلهم أهل العاهة فاتت الحكمة الثانية وهي الدعاء والصبر على البلية والترغيب فيهما بل فاتت الحكمتان في كلتا الصورتين، وليس المراد بالحمد الحمد القولي فقط بل المراد الحمد مطلقا قولا كان أو فعلا بأن يصرف لسانه في أنواع الثناء وقوته في أنحاء الطاعات وجوارحه في أقسام العبادات، وقبله في التفكر في الله وفي مظاهره وآثاره، وهو كذلك اختبر الغني بالفقير وبالعكس لينظر الغني إلى الفقير