عليما وصانعا حكيما لا يفعل الإ ما يقضيه الحكمة البالغة فالقول بأن في خلافة حكمة فاسد أما باعتبار أن هذه الحكمة حكمة وهمية لا تحقق لها في نفس الأمر أو باعتبار أنها حكمة ضعيفة لا قدر لها عند تلك الحكمة البالغة.
قوله: (بعلمي خالقت بين خلقهم) أي خالفت بين خلق أبدانهم وقلوبهم وطبايعهم وغيرها بسبب علمي بحالهم وبمصالح الاختلاف قبل خلقهم وبعده، والحاصل أنه سبحانه لما علم أزلا تفاوتهم في الطاعة والعصيان والكمال والنقصان خلق أبدانهم وصورهم أشكالهم وقت الميثاق على قدر تفاوتهم وتفاوت مراتبهم فوضع كلا في موضعه وهو العدل الحكيم ويمضي فيهم في هذا العالم وهو عالم الظهور أمره الذي هو الاختلاف المقدر في ذلك الوقت أو أمره التكويني على النحو المشاهد بمجر مشيته وارادته وهم صايرون إلى ما دبر من عاقبة أمورهم وإلى ما قدر لهم من الجنة والنار لا تبديل لخلق الله، فمن حسن أحواله في ذلك الوقت حسنت أحواله في الدنيا، ومن حسنت أحواله في الدنيا حسنت أحواله في الآخرة، ومن قبحت أحواله في ذلك الوقت، قبحت أحواله في الموطنين الآخرين لا يتبدل هؤلاء إلى هؤلاء ولا هؤلاء إلى هؤلاء.
قوله: (وبمشيتي يمضي فيهم أمري) أي أمر الاختلاف أو أمر التكوين بمضي فيهم بمجرد المشية التابعة للحكم والمصالح كما أشر نا إليه.
قوله: (وإلى تدبيري وتقديري صائرون) التدبير في الأمر أن تنظر إلى ما يؤول إليه عاقبته وبالفارسية صلاح انديشيدن در كار. والتقدير اندازه كردن واندازه چيزى نكاه داشتن وآفريدن وواجب كردن.
قوله: (إنما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) إشارة إلى غاية خلق السماوات والأرض والدنيا والآخرة والجنة والنار وهي خلق الثقلين فان غاية والمعصية وهما يتوقفان على التكليف والابتلاء وبين أن التكليف والابتلاء وكمالهما يتوقفان على الاختلاف المذكور فقد ثبت أن الحكمة تقتضى الاختلاف فليتأمل.
قوله: (من غير فاقة بي إليك واليهم) لأن الفاقة تابعة للعجز والنقص أو مقتضية لهما، وقد الحق منزه عنهما.
قوله: (لأبلوك وأبلوهم) أي لأعاملك وإياهم معاملة المختبر فهو من باب التمثيل لقصد الايضاح والتنوير.
وقوله: (أيكم أحسن عملا) مفعول ثان للبلوي باعتبار تضمينه معنى العلم، والنفع في