محذوف يتم به المعنى ويحتمل أن يكون التقدير لاعمل على وجه الكمال إلا بالنية، ويحتمل أن يكون لاعمل على والأكثر أولى ولأن نفي الصحة أقرب إلى نفي الحقيقة، وإذا تعذر حمل اللفظ على الحقيقة وجب حمله على أقرب المجازات كما بيناه في أصول الفقه، وعلى هذا يفهم منه إشتراط النية في الأعمال كما ذهب إليه الأصحاب.
ثم الظاهر أن لفظ العمل يشمل عمل الجوارح والقلب وتخصيصه بالأول لاوجه له ولابد من تخصيص عمل الجوارح باخراج مالا يحتاج إلى النية كغسل الثوب والبدن الظروف من النجاسات وتخصيص عمل القلب باخراج النية لألا تتسلسل وفيه دلالة على أن المعتبر في ألفاظ الإيمان والنكاح وغيرها من العقودات والإيقاعات النية دون الألفاظ وحدها إلا ما خرج بالدليل مثل ما ثبت من أن في الحلف تعتبر نية المدعي وفي الإقرار ويحكم على الظاهر ولا يسمع دعوى عدم القصد.
* الأصل 2 - علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني: عن أبيه عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله، وكل عامل يعمل على نية.
* الشرح قوله: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله) الحديث متفق عليه بين العامة والخاصة وله وجوه:
الأول: أن نية المؤمن اعتقاد الحق وإطاعة الرب لو خلد في الدنيا وهي خير من عمله إذ ثمرتها الخلود في الجنة بخلاف عمله فإنه لا يوجب الخلود فيها ونية الكافر اعتقاد الباطل ومعصية الرب لو خلد فيها وهي شر من عمله إذ ثمرتها الخلود في النار بخلاف عمله يدل على هذا الوجه حديث آخر هذا الباب. وإضافة إلى المؤمن والكافر فإن الوصف مشعر بالعلية.
الثاني: أن المؤمن ينوي خيرات كثيرة خارجة عن قدرته وهو يثاب بها بدون عمل فنيته بهذا الاعتبار خير من عمله لأن ثوابها أكثر من ثوابه كما ديل عليه الخبر الآتي والكافر ينوي شرورا كثيرة لا يقدر على العمل بها فنيته شر من عمله ولا ينافي في ذلك ما روى من «أن العبد إذا همه بشر لم يكتب عليه شيء حتى يعمل» لأن كون النية شرا لا ينافيه عدم كتب المنوى وعدم العقوبة به على سبيل التفضيل على أن أكثر العامة والمتكلمين والمحدثين ومنهم القاضي البيضاوي ذهبوا إلى أنه يؤاخذهم سيئة إذا بلغ مرتبة العزم والتصميم وتوطين النفس على الفعل لكن بسيئة العزم والتوطين لأنها معصية لا بسيئة المعزوم عليه لأنه لم يفعله فإن فعله كتب سيئة ثانية.