الثالث: أن النية روح العمل والعمل بمثابة البدن لها فخيرية العمل وشريته تابعتان لخيرية النية وشريتها كما أن شرافة البدن وخباثته تابعتان لشرافة الروح وخباثته فبهذا الاعتبار نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله.
الرابع: أن نية المؤمن وقصده أو لاهو الله وثانيا العمل لأنه يوصل إليه ونية الكافر وقصده غيره تعالى وعمله يوصله إليه وبهذا الاعتبار صح ما ذكر، وهذان الوجهان إستفدنا هما من كلام المحقق الطوسي في بعض رسائله وإن لم يكن صريحا فيهما.
الخامس: أن «خيرا» ليس للتفضيل و «من» تبعيضية صفة لم يعني أن نية المؤمن عمل خير من جملة أعماله ونية الكافر عمل شر من جملة أعماله وهو منقول عن السيد المرتضى وبه يندفع التنافي بين هذا الحديث وبين ما روى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): «أفضل الأعمال أحمزها»، وأما الوجوه السابقة فيرد على ظاهرها أن العمل أشق من النية فيكون خير أمنها بحكم هذا المروى فكيف تكون النية خيرا منه؟
والجواب: أن العمل ليس أشق من النية بل الأمر بالعكس لأن النية ليست مجرد التلفظ مخصوص وحصول معناه في القلب بل حصولها متوقف على تتزيه الظاهر والباطن عن الرذائل كلها وتوجه القلب إلى المولى بالكلية وإعراضه عن جميع ما سواه وتطهير العمل عن جميع ما يوجب نقصه وفساده ولا ريب في أن النية على هذا الوجه أشق من العمل كما يدل عليه ما روى عن أمير المؤمنين (عليه السلام) «أن تصفية العمل أشد من العمل وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد» الحديث طويل مذكور في كتاب الروضة أخذنا منه موضع الحاجة، ثم أشار إلى أن قبول العمل ورده وخيره وشره تابعة للنية بقوله «وكل عامل يعمل على نية أن خيرا فخير وإن شرا فشر» ومن طرق العامة «إن الله لا ينظر إلى صوركم وإنما ينظر إلى قلوبكم» يعني إلى نياتكم من باب إطلاق المحل على الحال.
* الأصل 3 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن العبد المؤمن الفقير ليقول: يا رب ارزقني حتى أفعل كذا وكذا من البر ووجوه الخير، فإذا علم الله عز وجل ذلك منه بصدق نية كتب الله له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله، إن الله واسع كريم.
* الشرح قوله: (كتب الله له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله) يمكن ان يجعل تفسيرا لما مر من أن نية المؤمن خير من عمله لأن المؤمن ينوي خيرات كثيرة لا يساعده القدرة أو الزمان على فعلها فيثاب