شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ١٦
وكميتها وتفاوتها في قبول الكمال ما اختلف اثنان ولا يعير صاحب الكمال صاحب النقص (1) وهذا لا ينا في تعيير من بدل فطرته الأصلية وغير استعداده الذاتية بقبح أعماله وسوء أفعاله وترك السعي فيما خلق له وطلب منه ويليق به، ومذام الشرع كلها من هذا القبيل.
قوله: (قال كن ماء عذبا) كلمة كن إشارة إلى ارادته وجود ما فيه حكمة مصلحة وقدرته عليه من غير لفظ ولا صوت ولا نداء ويفهم منه ان الماء العذاب أصل المؤمن ومنه شرافته ولينته وأن الماء الأجاج وهو بالضم الماء الملح الشديد الملوحة أصل الكافر ومنه خساسته وغلظته وامتزاج المائين سبب لتحقق القدرة على الخير والشر والقوي القابلة للضدين، وتولد المؤمن من الكافر بالعكس لما في أحدهما من أجزاء الاخر وصفاته ورايحته، وقد مر شئ من سر الامتزاج آنفا ولعل خلق الجنة والنار من المائين إشارة إلى أنهار الجنة وطراوة أشجارها من الماء الأول ومياه النار ونمو أشجارها كالزقوم من الماء الثاني قال الله تعالى أنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤس الشياطين.
قوله: (ثم أخذ طينا من أديم الأرض) المراد بالطين ما امتزج بالمائين وخمر بهما كما سيجئ، وبأديم الأرض ما ظهر منها، وبالأرض ما يشمل أرض النار وأرض الجنة الغرض من عركه ودلكه إخراج مادة كل من المؤمن والكافر عن الأخرى تميزها عنها وإخراج كل واحد منهما من مادته كما أشار إليه بقوله: «فإذا هم كالذر يدبون» وجه التشبيه الصغر والحركة فقال لأصحاب اليمين إلى الجنة، أي سيروا إلى الجنة متلبسين بسلام مني وبركات أو سالمين من الموت والآفات. وقال

١ - ولا يعير صاحب الكمال صاحب النقص» ان كان المراد بصاحب النقص أهل المعاصي فأول من غيرهم الله تعالى نفسه ولعنهم وبعده الملائكة والأنبياء والأولياء في آيات كثيرة وأحاديث متواترة، ولو كان مضمون هذه الرواية حقا لبطل كتاب الله تعالى والأحاديث النبوية وإجماع أهل الحق، وإن كان مخالفة فرعون لموسى (عليه السلام) لعيب في طينته ولم يجز تعييره كيف يذمه ويلعنه الله والملائكة ويتبرء منه أتباع الأنبياء واليهود والنصارى والمسلمون، قال العلامة المجلسي (رحمهم الله) أنها من متشابهات الأخبار ومعضلات الآثار ومما يوهم الجبر ونفى الاختيار، ولأصحابنا (رضي الله عنه) عنهم فيها مسالك الأول ما ذهب إليه الأخباريون هو أنا نؤمن بها مجملا ونعترف بالجهل عن حقيقة معناها، الثاني أنها محمولة على التقية، الثالث أنها كناية عن عمله تعالى بما هم إليه صائرون، الرابع أنها كناية عن اختلاف استعداداتهم وقابلياتهم وهذا أمر بين لا يمكن انكاره وهذا لا يستلزم سقوط التكليف فإن الله تعالى كلف والنبي (صلى الله عليه وآله) بقدر ما أعطاه من الاستعداد وكلف أبا جهل ما في وسعه وطاقته، الخامس أنه لما كلف الله تعالى الأرواح أو لا في الذر واخذ ميثاقهم فاختاروا الخير والشر باختيارهم تفرع اختلاف الطينة على ما اختاروه. انتهى ملخصا وهو حسن جدا. (ش)
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428